قال ابن كثير صاحب تفسير القرآن العظيم وهو يصف الوليد بن
عبدالملك.. قالوا: كانت همة الوليد في البناء، وكان الناس كذلك، يلقى الرجلُ
الرجلَ، فيقول: ماذا بنيت؟ ماذا عمّرت؟ وكانت همة أخيه سليمان في النساء، وكان
الناس كذلك، يلقى الرجلُ الرجلَ، فيقول: كم تزوجت؟ ماذا عندك من السراري؟ وكانت
همة عمر بن عبدالعزيز في قراءة القرآن، وفي الصلاة والعبادة، وكان الناس كذلك،
يلقى الرجلُ الرجلَ، فيقول: كم وردك؟ كم تقرأ كل يوم؟ ماذا صليت البارحة؟
والناس يقولون : الناس على دين مليكهم .
ما أخطأ ابن كثير رحمه الله في الوصف والخروج بخلاصة مفادها ، أن الناس أو الشعوب على دين ملوكهم.. وإنه يمكننا اليوم أن نضيف إلى الملوك
ونقول : أحزابهم وجماعاتهم وغيرها، بحسب نظام الحكم وسياسة الأمور في كل بلد.
لا شيء أن يتبع الناس ملوكهم ورؤسائهم أو أحزابهم الحاكمة إن
كانوا جميعاً على الحق المبين، أو أن أعمالهم تكون على الأغلب للصالح العام وليس
الخاص. تأمل ما جاء في الوصف لابن كثير للخلفاء الثلاثة، الوليد وسليمان ومن ثم
عمر بن عبدالعزيز، وكيف كانت غالبية الناس أيام حكم كل منهم.. إنه كما أسلفنا، لا شيء في أن يتبع الناس سلوكيات وأفعال
ملوكهم وأمرائهم أو أحزابهم، إن كانوا على الحق والعمل للصالح العام، ولكن مع ذلك،
أن يكون الناس إمّعة، يومٌ مع هذا ويومٌ آخر مع ذاك، فهذا فيه نظر.
الأصل أن يكون لكل منا شخصيته المنفردة التي يعتز بها أمام
الجميع، وإن كان هذا لا يعني أن يخالف حتى يُعرف. لا، الأمر ليس كذلك. فإن ما أدعو
إليه أن يحترم كل منا شخصيته أولاً ومن ثم الآخرين، سواء كانوا ملوكاً أو رؤساء أو
غيرهم. إن أحسنوا أحسنّا وزدنا إحساناً، ولكن إن أساءوا لا نسيء، بل نقف ونبحث عن
الحق أينما يظهر ويكون، بدلاً من منافقة ومجاملة هذا وذاك وتلك، حتى وإن طال الزمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق