
أبولهب ، من ضمن ما لم
يسمع عنه كثيرون ، أنه كان من أكثر المحبين لأخيه عبدالله الذبيح ، والد نبينا
الكريم صلى الله عليه وسلم ، الذي قال عن نفسه : أنا ابن الذبيحين ، ويقصد النبي
اسماعيل حين أراد أبوه ابراهيم أن يذبحه تنفيذاً لرؤية رآها ، والذبيح الآخر هو
والد النبي الكريم عبدالله بن عبدالمطلب ، الذي نذر والده لله إن رزقه الله بعشر
من الولد أن يفدي بأحدهم ويذبحه ، فكانت القرعة على عبدالله ، ورفض كل من كان موجوداً
يومها ، لحبهم الشديد لعبدالله ، حتى استقر الأمر أن يفتدي عبدالمطلب ابنه عبدالله
بمئة من الإبل ..
مذ ذاك الوقت أحب
أبولهب أخاه عبدالله حتى إذا ما رزقه الله بولد وحيد هو نبينا الكريم وتوفي بعدها
، أكمل أبولهب محبته لابن أخيه إلى درجة كبيرة ، إلى درجة أنها أعتق جاريته التي
زفت إليه خبر ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ، واختار اثنتان من بنات النبي صلى
الله عليه وسلم لأولاده ، فتزوجت رقية من عتبة ، وتزوجت أم كلثوم من عتيبة ، رغم
أنهما كانا على الشرك فيما كانت رقية وأم كلثوم مسلمتان ، حيث لم تكن آية تحريم
تزويج المسلمات للمشركين قد نزلت بعد ..

إن الانقلاب الهائل الذي حدث في حياة أبي لهب مع
بعثة النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ، من بعد حب شديد مميز لابن أخيه إلى
عداوة أشد ، ومجاهرة بالإيذاء المادي
والمعنوي ، إنما لا يمكن تفسيره سوى إصابته بداء القلوب القاتل الذي يعمي القلوب
قبل الأبصار .. داء الحسد .
كان
أبولهب يرى أنه الأحق بهذه المنزلة التي نالها ابن أخيه بنزول الوحي عليه ، فصار
الرسول المنتظر الذي سمعت بمقدمه العرب ومن قبلهم اليهود والنصارى .. فقاده الحسد
إلى عمى البصيرة ، فحاد عن الحق المبين ، ودخل دائرة عتاة المجرمين ، الذين رفعوا
لواء العداوة للرسول صلى الله عليه وسلم من قريش وأبرزهم أبي جهل وأمية وعقبة ابن
أبي معيط والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وغيرهم ..

إن داء
الكبر والحسد إن تمكنا من الإنسان ، فلا شك أنه هالك هالك ، ما لم يتنبه سريعاً ،
فلقد هلك فرعون وقارون بسببهما ، وهلك أبولهب وأبوجهل مثلهما ، وسيهلك كل إنسان لا
ينتزعهما سريعاً من نفسه قبل أن ينتزع الله روحه وهو في الآخرة من الخاسرين ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق