
لكن
هذا المشرك ما اتعظ ولا اعتبر، بل دخل في حرب المسلمين يوم أحد وأخلف وعده للرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم ، فوقع أسيراً مرة أخرى في يد المسلمين ، فجاءوا به الى
الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله أقلني ، فرد عليه صلى الله عليه
وسلم :" لا والله ، لا تمسح عارضيك بمكة
- يقصد لحيته على جانبي الوجه – وتقول : خدعتُ محمداً مرتين .. اضرب عنقه
يا زبير " ، فلقى جزاءه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم يومها :" لا
يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ". فصار الحديث مثلاً .
نعم
، العطف والرأفة واللطف والعفو ، أخلاق فرسان راقية ، كلنا يحتاجها ويسعى الى
التخلق بها في تعامله مع الآخرين ، لكن هذا لا يعني أنك تكون لطيفاً أو طيباً بشكل
مطلق ، لأن لكل شيء حد لا يجب تجاوزه .
.jpg)
من
هنا ، نجد قدوتنا صلى الله عليه وسلم يعلمنا درساً في هذا المجال ، لكي لا يتم
استغلال طيبة وأخلاقيات المسلم الراقية الرفيعة من قبل انتهازيين واستغلاليين ،
فذاك الشاعر كان من عناصر الفتنة وتهييج الناس على الإسلام والمسلمين ، وحين وقع
أسيراً ببدر وطلب العفو لفقره ، تعامل معه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم
بأخلاقه العالية ، فلما استمر وأخلف وعده ورجع لما كان عليه ، لم يكن ليستحق
التعامل معه بنفس الأخلاق حين وقع أسيراً للمرة الثانية ، فكان جزاءه بالشكل الذي
يستحق ، لأنه كان سيعود لما كان عليه لو أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق سراحه ،
فإن بعض النفوس ، لئيمة دنيئة ، لا تستحق إلا نوعية معينة من التعامل ، كنموذج
الشاعر أو الإعلامي الذي تحدثنا عنه ، وما أكثر هذه النوعية في زماننا هذا ، وما
أكثر ما نُلدغ من نفس الجحر ، ليس مرتين بل مرات ومرات .. أليس كذلك يا سادة ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق