اليأس والعجلة من أبرز صفات بني البشر. لكن في
الكائنات الأخرى لاسيما عالم الحيوانات، يمكننا تعلم دروس غاية في العمق والدقة
حول أهمية الاستمرار في العمل وعدم اليأس والقنوط، إضافة إلى عدم استعجال النتائج،
فكل شيء بقدر.
وصف ربنا تبارك وتعالى الإنسان بأنه يئوس قنوط
( لا يَسْأَمُ الإنسَانُ من دُعَاءِ الخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فيئُوسٌ
قَنوطٌ ). أي أنه يسأل الله دوام الصحة والعافية وسعة الرزق وغيرها من مباهج
الدنيا وزينتها، حتى إذا ما نزلت به مشكلة في صحته أو ماله أو عياله أو مصدر رزقه،
عاش الاكتئاب ذاته، ويدخل في أجواء من اليأس والقنوط وكأنما لم يذق نعمة من ذي
قبل، ولم يسعد في لحظات حياته الفائتة، وكأن الذي أنعم عليه ووسّع له في رزقه وبارك في
صحته وعياله، ليس هو من سيكشف السوء عنه إن دعاه، وفي هذا سوء أدب بالغ مع الخالق،
وسوء ظن واضح وخلل عميق في اليقين.
مع صفة اليأس والقنوط، تأتي صفة استعجال الخير
والنتائج، مع ما يترتب على ذاك النوع من الاستعجال من نتائج تكون على الأغلب
سلبية، ولا تحمل الكثير من الخير. تأمل هذه الآية الكريمة ( ويَدْعُ الْإنْسَانُ
بالشَّرِّ دُعَاءَهُ بالْخَيْرِ َوكان الْإْنسَانُ عَجُولاً ). أي أن هذا الإنسان
تجده يستعجل الأمور السيئة كما الحال مع الخير، فهو إن غضب على ولده أو أهله أو
خادمه أو مركبته أو أي شيء ذات صلة به، تجده يدعو عليهم بالسوء والشر، ولو أن الله
يستجيب له كما هو الحال مع دعاء الخير، لهلك هذا الإنسان ومن يدعي عليه.
بمعنى آخر، لو أنه يصبر ويكون هو سيد قراره في
الموقف الذي يدفعه إلى التهور والتعجل، ويضبط أعصابه كما تقول العامة، فإنما يكون
قد سلك طريق الخير لا غيره.. وفي السياق نفسه، يأتي من يستعجل نتائج عمله في نفس
درجة من يستعجل بالدعاء على ما أغضبه.
النتيجة واحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق