أريدك أن تضع نفسك للحظات في الموقف الذي كان عليه أبوبكر
الصديق رضي الله عنه صبيحة الإسراء والمعراج.. وحاول أن تتصور نفسك وعديد الناس
يمرون عليك بالخبر والذهول يسيطر عليهم يسألونك رأيك.. فما كنت لتقول؟
الأمر ليس بالسهل
تصوره، فقد كان حادثاً مزلزلاً للقلوب إلى درجة أن ارتد كثيرون ممن آمنوا بالنبي
صلى الله عليه وسلم.. بل إن صفية بنت عبدالمطلب ما إن سمعت الخبر من النبي صلى
الله عليه وسلم، ورأت أنه سيخرج إلى الناس يحدثهم بخبر صعوده إلى السماء ليلة
البارحة، توسلت إليه ألا يفعل خشية وشفقة عليه..
لكن أعظم رجالات هذه
الأمة بعد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ما إن سمع بذلك الخبر من الناس حتى
صدّقه دون أي تردد.. فقد قالت عائشة رضي الله عنها:"
لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك فارتد
ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل
لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا:
نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت
المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر
السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق ".
تلك الحادثة
هي الأبرز من بعد اسلامه حين عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام ، فوافق دون
أدنى تردد، حيث جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي الكريم من بعد أن
أسلم أبوبكر، انطلق من عنده، وما بين الأخشبين أحد أكثر سروراً منه
بإسلام أبي بكر ..
ماذا كان أبوبكر لو أنه أسلم فقط ثم انطلق
يتابع تجارته، وقد كان تاجراً ماهراً يطوف البلدان؟ كان كغيره كثير، رقمٌ ضمن
الآلاف الذين أسلموا ولا نكاد نعرف غالبيتهم، لكن يقينه الذي لم يخالطه أدنى شك أو
تردد سواء يوم إسلامه أو بعد ذلك كتصديقه حادثة المعراج دون أدنى ريب ، والتي لا
يمكن أن يصدقها عقل بشري بل لا يمكن لمنطق العقل أن يقبلها، جعلته أعظم شخصيات
الإسلام، تذكره الأجيال إلى ما شاء الله أن يكون لهذا الدين من وجود وأثر ..
الإنسان ليس بعدد السنوات التي يعيشها وإن
بلغت ألف سنة مما نعد ، فهي لا شيء بعد لحظات من موته، إن خلت من مواقف حياتية فاصلة،
من تلك التي تخلد ذكراه إلى ما شاء الله أن يكون هذا الخلود، حتى وإن كانت قليلة
جداً.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق