في خضم الأحداث الدائرة
الآن في العالمين العربي والغربي كذلك من بعد حادث الصحيفة الفرنسية ، لابد وأن
واحدة من الاستراتيجيات التي لم تعد سراً اليوم ، أن تكون حاضرة بالأذهان ، وهي ما
تُعرف بالفوضى الخلاّقة ، والتي تم الاعلان عنها بجرأة ووضوح في عهد بوش الابن ،
وتحديداً عبر وزير خارجيته يومها كونداليزا رايس في حديث صحافي أعلنت فيه عزم
واشنطن نشر الديمقراطية في المنطقة العربية ، ولكن ليس بالطرق المعروفة عبر التدرج
والتدريب والتوعية والتثقيف ، بل عبر تلك الاستراتيجية .
الفوضى الخلاّقة إذن هي نشر حالة سياسية في بلد
ما ولكن بعد إحداث فوضى فيها بوسائل متنوعة ، وتم تنفيذها في العراق ، وها هو
العراق يحصد نتائج تلك الاستراتيجية . ذهب بوش وذهبت كونداليزا وسيذهب غيرهم ،
ولكن ما زال العراق في فوضى ونكد من العيش أصاب الجميع مع بعض التفاوت بين الطوائف
المختلفة ..
ربما البعض يفسر سكوت الغرب أيضاً على أحداث
الربيع العربي ، على أن الفرصة ربما لاحت له مرة أخرى بعد الفشل في العراق لإعادة
إحياء استراتيجية كونداليزا في العالم العربي ، ولكن هذه المرة عبر استغلال ثورات
الشباب في بلدان الربيع العربي وتوجيهها
نحو فوضى معينة كي تبقى المنطقة تحت رحمة القرار الغربي ، وربما هذا ما يحصل الآن
حسب ما نراه ظاهرياً على الأقل ، لأن الأمور الى الآن لم تُحسم بعد ، لا في مصر أو
ليبيا ولا اليمن أو سوريا ، وكل الاحتمالات قابلة للتجسيد على أرض الواقع ..
خلاصة الحديث أن الغرب يهمه استمرار هيمنته على
المنطقة العربية ، سواء كانت بيده أو بيد أبناء المنطقة ، وأن من يرفض تماماً فكرة
"المؤامرة" لابد أن يعي أن المؤامرة ربما لا تكون بالصورة التقليدية
المعروفة ، فإن دراسة أو بحثاً يقوم به مركز أبحاث ودراسات في أي عاصمة غربية مثل
واشنطن ، لندن ، باريس أو غيرهم ، تكون
خلاصة البحث مثلاً ، دعوة للسيطرة على نفط المنطقة والتحكم بأسعاره عبر وسائل
متنوعة أو عدم السماح بنشر الديمقراطية الحقيقية في المنطقة ، خشية وصول من لا
يتوافقون مع الغرب في التوجهات والرؤى وغيرها من توصيات ، فإنما هي مؤامرة واضحة بصورة
مختلفة ، يقدم ها هنا المفكرون والباحثون خلاصات عقولهم للساسة ، الذين بدورهم
يترجمونها لواقع ، والواقع يتحمل وجوهاً كثيرة ، منها عمليات ارهابية وما شابهها ،
تكون مبررات لإبقاء الغرب على صلة بالمنطقة ، في الخير وكذلك الشر ..
فهل الصورة
واضحة ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق