قلت وبشكل مختصر في المقال السابق بأن اللغة الساحرة الصامتة التي تكسب بها ملايين القلوب هي الابتسامة. وعبر هذه اللغة يمكنك البدء بمشروع كسب القلوب.
إن ابتسامتك في وجه الآخر مؤشر على أن بداخلك قد تمت عمليات محددة تم على أثرها إصدار صك قبول لهذا الآخر، وكانت الابتسامة هي ختم الدخول العملي الظاهري. الابتسامة إذن هي اللغة العملية الدالة على قبول الآخر، وهي أهم عوامل كسب القلوب ..
ونأتي اليوم بعد هذه اللغة الصامتة، لنتحدث عن اللغة الناطقة ودورها في كسب القلوب. إنها متمثلة في كلمات إيجابية، قليلة حروفها، كثيرة وكبيرة معانيها وتأثيراتها. دعني أطرح هذا التساؤل: ما الذي يضيرك لو أنك قابلت عمل الآخر بكلمة "شكرًا أو أحسنت"، أو يعطيك العافية أو غيـرها من كلمات تحفظها ولا تستخدمها ؟ لا شيء يضر بل العكس من ذلك لو أنك استخدمتها وعودت لسانك النطق بها، حيث تجد التأثير المعنوي البالغ.
قد لا تلقي بالا للكلمة وأنت تقولها، ولكن الذي يسمعها يهتم بها بشكل لا تتصوره. من هنا إذن احرص على أن يكون لسانك إيجابيًّا وأنت تتعامل مع الغير. لا ينطق لسانك بغير كلمات الثناء والإعجاب والمديح والشكر، حتى لو كنت ترى عملًا قد لا يسرك أو ليس بالذي تنشده. لماذا؟ لأنك في مشروع إنساني راقٍ لكسب القلوب، ومن المؤكد أنك لن تدع لسانك ينطق بما يختلج في نفسك من شعور فوري يكون غالبًا نتيجة تأثيرات اللحظة ذاتها والموقف ذاته.
قد ترى موقفًا لا يسعدك من الآخر، والنتيجة الطبيعية أن تلومه أو تزجره أو تقوم بأي سلوك نحوه يدل على عدم الرضا، فأنت إنسان في نهاية الأمر تتأثر بما في نفسك من شعوريات متدفقة في مواقف الحياة المتنوعة. ولكن نعود ونذكِّر بأنك في مشروعك الذي تهدف منه كسب القلوب، لا بد وأنك وصلت إلى مستوى دقيق من ضبط النفس والتحكم بها وخاصة إن كان التعامل مع الآخر. نعود إلى اللغة الناطقة وتأثيراتها في كسب القلوب.
إن كلمة "شكرًا" و"أحسنت" و"يعطيك العافية" هي رسائل تبعثها إلى الطرف الآخر لتقول له بعبارة أخرى أنك حاولت وبذلت الجهد فأحسنت، وأنني أقدر عملك وجهدك بغض النظر عن أي أمر آخر .. وهذه الرسائل لها تأثير ساحر على النفس. إنك بكلمات الإطراء والإحسان تقدر الذي أمامك، وهذا مايدفعه إلى استشعار أهميته وتقديره لذاته ..
إنك ها هنا تعينه على هذا الأمر، فمن منا لا يحتاج إلى تقدير الذات، سواء من نفسه أو من لدن الآخرين؟ كلنا يحتاج بصورة وأخرى. ومثل هذا التقدير للآخرين، سيدفع بهم إلى محبتك واعتبارك نجمًا في حياتهم يتتبعون خطاك وأثرك، ولم لا، فأنت قد ملكت قلوبهم، فكيف لا يقتفون أثرك وينتظرون مطلعك بفارغ من الصبر واللهفة والشوق؟
ولهذا الحديث بقية باقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق