أن
يمر يومك هادئاً طيباً لا تسمع شكاوى وتذمرات من هذا وذاك وتلك، أو أن تكون أنت
المتذمر والشاكي، فهذا اليوم سيكون دون شك، تاريخياً يستحق تدوينه والاحتفال به كل
عام!
لماذا نشتكي؟ الإجابات ستتعدد إن طرحنا هذا
السؤال على الناس، باعتبار اختلاف الأمزجة والأذواق والأفهام والعقليات. هذا يجيبك
بأن الشكوى بسبب ظلم واقع، وآخر يشير الى أن السبب هو طبيعة بشرية وحب الناس إلى
الفضفضة حين تجتمع النفوس معاً، ولو لمجرد الفضفضة، ومنهم من سيقول لك بأن الشكاوى
والتذمرات مرجعها الى أن القوانين البشرية حولك في أي مجال، تدفعك إلى ذلك.. وهكذا
تتنوع الإجابات بحسب عقلية ونفسية من تسأله..
إن فتحت المجال للغير بالفضفضة مثلاً، فستجد
الموظف يشكو مديره، والمدير رئيسه، والولد أباه، والبنت أمها، والزوج زوجته أو العكس،
والطالب معلمه، والخادمة سيدتها، والأخ أخاه، والوزير رئيسه، والرئيس زعيمه،
والزعيم نظراؤه.. وهكذا حتى لا تجد إنساناً يشكو غيره، فيبدأ يشكو نفسه أو مركبته
أو طعامه أو ملابسه، وأحياناً الطقس وربما يصل أحياناً الى قرينه من الجن!
القلب البشري حين يفرغ من الرضى، ويقف عقله
عاجزاً عن فهم قوانين الحياة الدنيا لأي سبب من الأسباب، ولا يستوعب قوانين وطبيعة
الحياة الآخرة، فلا شك أنه سيدخل دوائر فوضوية فراغية شتى، منها دائرة التذمر
والشكوى، التي ما إن يدخلها، يتوه ولا يخرج منها سريعاً، مالم يطلب الهداية من
الله، ليصل إلى مستوى الرضى القلبي لأقداره وأقدار ما حوله، وإلى الفهم العقلي الصحيح
لسنن وقوانين هذا الكون الهائل.
كل ما
حولنا هو نوع من الابتلاء والاختبار وبدرجات متنوعة متفاوتة، باعتبار أننا في
الأصل نعيش حياة اختبار، لأجل حياة بقاء واستقرار، وإن التذمر أو الشكوى، هي إحدى
ردود الأفعال منا تجاه الابتلاءات والاختبارات، وعلى إثرها تتحدد الدرجات التي
نستحقها في الحياة الآخرة..
لنتخذ من كلمات الحبيب، عليه
الصلاة والسلام، نبراساً لنا في هذه الحياة، فنستوعب ما كان يدعو بها
قائلاً:" اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً
لي، حتى يقول: .. وأسألك الرضى بعد القضاء.. ثم يبين لنا عليه الصلاة والسلام في
موضع آخر بأن:" من
سعادة المرء استخارته ربه، ورضاه بما قدر. ومن شقاوة المرء تركه الاستخارة، وسخطه
بعد القضاء..
وهذا هو لب حديث اليوم.
هناك تعليق واحد:
مقال رائع
سؤال لدي عادة عندما تقع لي حاجة اقوم بتحليلها لايام
إرسال تعليق