قال الفضيل بن عياض، أو عابد
الحرمين، وهو ممن عاش في القرن الثاني الهجري:" حسناتك من عدوك أكثر منها من صديقك!
قيل: وكيف ذلك يا أبا علي؟ قال: إن صديقك إذا ذُكِرتَ بين يديه قال: عافاه الله،
وعدوك إذا ذُكِرت بين يديه يغتابك الليل والنهار، وإنما يدفع المسكين حسناته إليك،
فلا ترضَ إذا ذُكِر بين يديك أن تقول: اللهم أهلكه.. لا، بل ادعُ الله: اللهم أصلحه..
اللهم راجع به، ويكون الله معطيك أجر ما دعوت به، فإنه من قال لرجل: اللهم أهلكه،
فقد أعطى الشيطان سؤاله، لأن الشيطان إنما يدور على هلاك الخلق ".
الله
سبحانه وتعالى يدعو عباده أن يتجملوا في القول، ويختاروا الأطيب من العبارات والكلمات..
(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن). هذا هو ما نسميه بحلاوة اللسان، التي هي، وإن
كانت هبة من الله، إلا أنها تبقى كذلك مهارة، يمكن اكتسابها بالتدريب والمثابرة
عليها، شأنها شأن أي مهارة مكتسبة لدى البشر.
إن من أساسيات اكتساب هذه المهارة، اختيار
الكلمات ذات الجرس الموسيقي، أو التي تحمل في معانيها، الطيبة وخفة الروح، فإن
استخدام الكلمات التي تحمل أكثر من معنى ومغزى، من شأنه في بعض الأحيان، إفساد
الكثير من الأمور والعلاقات، حتى وإن كانت النيات صالحة، لا يُراد منها غير إصلاح
أو كسب ود.
أساتذة فن الخطابة يرددون هذا الأمر بكثرة،
ويوصون بها تلامذتهم، وأن المهم ليس في إلقاء الكلمات، بقدر إخراجها من الفم، أي الطريقة
أو الكيفية التي تقول بها وتستخدمها، لإيصال كلماتك إلى قلوب المستمعين قبل
آذانهم.
لنكن كالنحلة كما في
الحديث (مثل المؤمن مثل النحلة.
إن أكلت، أكلت طيباً، وإن وضعت، وضعت طيباً. وإن وقعت على عود نخر لم تكسره)..صدق رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق