تقول الصحابية أم عبد
الله بنت أبي حثمة: كنا نعد العدة للهجرة، إذ أقبل عمر بن الخطاب وهو على شركه حتى
وقف وقال: أتنطلقون يا أم عبدالله؟ قلت نعم، والله لنخرجن في أرض الله، فقد
آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا فرجاً، فقال: صحبكم الله! ورأيت له رقة
وحزناً.. فلما عاد زوجها عامر أخبرته.. وقالت له: لو رأيت عمر ورقته وحزنه علينا..
قال: أطمعتِ في إسلامه؟ قالت: نعم، فقال: لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب، لما كان
يرى من غلظته وشدته على المسلمين.
لكنه بعد قليل من التأمل والتدبر فيما يجري من
حوله، وعدم رد العنف إليه من جانب المسلمين، دفعت هذا القاسي العنيف للتحول، حتى
انشرح صدره لهذا الدين، ليصبح فاروقاً، يفرق الله على يديه بين الحق والباطل،
ليتحول في أعوام قليلة من أبرز رموز وشخصيات الإسلام العظيمة إلى يوم الدين.
هذه القصة تفيد في أهمية مسألة السماحة
والمجادلة بالتي هي أحسن في تبليغ الرسالات العظيمة، فليست القوة بالوسيلة
المثالية لذلك، والأديان عموماً لا يمكن أن تُبلغ بالقوة والعنف والإكراه، فلا
إكراه في الدين، وهذا هو سر إقبال الناس على الإسلام منذ أن ظهر وإلى ما شاء الله
له أن يكون.
نجد البعض وبدوافع طيبة ونيات حسنة ومن حيث
يدري أو لا يدري، يقوم بنشر الدين وتبليغه وشرحه للآخرين، لكنه يسيء استخدام
الوسائل ولا يُحسن العرض بالتي هي أحسن، فتكون النتائج عكسية سلبية.. وواقع
الأحداث اليوم يفيد أننا نتحمل جزءاً من مسؤولية بطء انتشار الإسلام في العالم
ومسؤولية الصورة الذهنية المشوهة لهذا الدين عند كثيرين، وهو ما يدعونا إلى ضرورة التنبه إلى أهمية
الرفق في الدعوة والجدال بالحسنى إن اقتضى الأمر، سواء بين بعضنا البعض أو مع
غيرنا من أبناء الملل والنحل الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق