أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الجمعة، 8 يونيو 2012

حتى لا تكون قطعة أثاث ..


  قلنا في المقال السابق إنه ما أن نضع قطعة أثاث في مكانها بالبيت مثلاً أو المكتب، حتى نعتاد عليها بعد حين من الدهر، ثم لن نلحظها رغم استخدامنا لها.. ونواصل حديثنا اليوم بذكر بعض الأمثلة الحياتية التي وعدتكم ذكرها على أن يقوم كل أحد منكم بتكملة الأمثلة مع نفسه.. 

  إنك حين تكون سلبياً أو غاية في السلبية في البيت لا تحرك ساكنا ولا تشارك في إدارة بيتك، بل تدع زوجك أو زوجتك أو أولادك يديرونك، ويكون وجودك كعدمه، فإنما ها هنا أنت تثبت لمن حولك أنك قطعة أثاث ضمن قطع الأثاث المتناثرة في البيت، ولا فرق بينك وبين تلك القطع سوى أنك قطعة من لحم ودم، فيما القطع الأخريات من أخشاب أو نحاس أو حديد!

خذ مثالاً حياتياً آخر لتوضيح الصورة أكثر .. 


  إن كنت في عملك سلبيا لا تشارك ولا تخالط ولا يكون لك وضعك أو اسمك بسبب عدم تفاعلك مع الجميع، ولا تساهم في الأعمال الجماعية ولا في فرق العمل، ويأتي أي مسؤول ويستهزئ بك وتقبل الاستهزاء، ويأتي آخر ويجرحك وتقبل التجريح، وهكذا تكون، فأنت ها هنا لا تختلف عن أي قطعة من قطع الأثاث في مكتبك.. وسيتجرأ أي أحد في تحريكك كما يحرك أي قطعة أثاث موجودة بمكتبه.. أليس هذا هو الحاصل ؟ فهل اتضحت الصورة؟ 

إن اتضحت الصورة ، سيأتي السؤال الحيوي المهم .. ما هو الحل إذن ؟ 


   أولى الخطوات أن تثق في قدراتك وفي نفسك، بحيث لا تحقرها ولا تجلدها ولا تقلل من قيمتها أبداً. إنك حين تقلل من قيمتك فإنك تحول نفسك الى جماد لا يتحرك ولا روح فيه. بل يحركك الآخرون كيفما شاءوا ومتى ما أرادوا. ولعل هذه هي مشكلة الكثيرين الذين تجدهم في شكوى وتذمر دائمين من أنهم لا يجدون التقدير والاحترام ويتقاذفهم الناس يمنة ويسرة !!


  ثانية الخطوات العملية المهمة وأنت تعاني من هذه المشكلة ، هي الإدراك بأهمية العيش عزيزاً ، وأن تكون صاحب همة عالية راقية ، بل وتصدق حقيقة أنك عزيز حر غير ذليل ولا ترضى للذل أن يتغلغل في نفسك ، بل وتستشعر العزة حتى لا يتجرأ أحد أن يذلك ويهينك.


   الخطوة الثالثة هي أن تشعر بإنسانيتك وبمهمتك في هذه الحياة، بحيث يكون لك دورك الإيجابي في كافة مناحي الحياة .. في البيت والعمل والمجتمع وأي موقع تذهب إليه. لا ترض أبداً في منزلك مثلاً أن تكون بلا وجود لا يشعر بك أهلك ، ويكون وجودك كعدمه، بل عليك أن تدير هذا البيت أو تشارك في إدارته مع زوجتك أو بعض أولادك في فترة من الفترات ..


   لا تترك دفة البيت لأحد وتبتعد عن التحكم فيها، أو أن تترك حبل بيتك على الغارب يسير إلى أي اتجاه دون مرشد أو دليل أو متحكم فيه.. عليك استشعار مسؤوليتك الفطرية تجاه البيت والأهل والأولاد.. لكن قيامك بمخالفة كل تلك الأمور سيحولك إلى قطعة أثاث بشرية تضاف إلى قائمة القطع الخشبية والنحاسية والحديدية في البيت!.


   ليكن الأمر نفسه في عملك. ولتكن صاحب كلمة وصاحب رأي يحترمك الجميع ويقدر وجودك وتكون لك هيبتك أمام الزملاء العاملين. وانفخ بوقك بنفسك، وأن يشعر الجميع بأهميتك في العمل ، ولا تدع أي ثغرة لأي مسؤول أن ينفذ منها ليوجه لك إهانات أو تجريحات، بقصد أو بدون . إنك إن  سمحت مرة لأن يقوم المسؤولون بتجريحك وإهانتك دون رد مناسب عاقل، فتأكد أن الباب يكون قد فُتح للمزيد منها، لأنهم شعروا أنك لست أكثر من قطعة أثاث لا تتحرك إلا إذا قرر صاحب العمل تحريكك !

   هناك الكثيرون نعرفهم وتعرفونهم يعملون حولكم أو يعيشون بينكم، ما هم سوى قطع أثاث متناثرة بين البيوت ومواقع العمل ومناطق مختلفة من المجتمع. لا يلقي أي أحد لهم بالاً. لماذا؟ لأنهم رضوا بأن يكونوا مع الأثاث، وليس مع الأحياء من البشر الإيجابيين المبدعين..

   السبب الرئيسي لهذا كما أسلفنا ونعود مجدداً وفي كل مناسبة للتذكير به، هو فقدانهم الثقة بأنفسهم واهتزازهم الداخلي أو انهزامهم النفسي, ومن فقد ثقته بنفسه فإن مصيره معارض الأثاث المستعمل, أو مصانع تدوير بقايا مواد الأثاث، خشباً كانت أم حديداً أم نحاساً.. وهذه هي خلاصة حديث الأثاث .. 


ليست هناك تعليقات: