

ربما لمن لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر من
الملحدين أو المشككين في بعض الغيبيات، تكون مثل تلكم الاكتشافات مفاجئة لهم، أو قد
يعتبرونها كشفاً علمياً مذهلاً، ولكن لو سألت عنها أي مسلم، لم تلوثه فلسفات
ومعتقدات غريبة عن الإسلام، لأجابك من فوره، أن موت الإنسان لا يعني نهايته، بل
الموت هو محطة انتقال الروح من حياة إلى أخرى، هي ما نعرفها بحياة البرزخ، التي لا
ندري عنها ولا قوانينها المادية والمعنوية شيئاً، سوى أنها حياة تنتقل الأرواح
إليها من الحياة الدنيا بعد خروجها من الأجساد الطينية، وفيها نعيم وعذاب، لكن لا
ندري كيفيتها ولا كنهها، إلى أن يقضي الله أمره، وتنتهي الحياة البرزخية أيضاً
والانتقال إلى الحياة الآخرة..
بالعودة إلى الاكتشاف العلمي الأخير هذا،
سنزداد علماً أشمل وبالضرورة إيماناً أعمق عما نحن عليه، فيما يختص بلحظات الموت
وما بعدها. لاحظ معي قوله تعالى: وَلَوْ
ترى إِذ الظَّالمونَ في غَمَرَات الموتِ والملائكةُ باسطُو أيديهِم أخرِجوا أنفُسَكُمُ..
الى آخر الآيات، ستجد أن في الآية تفسيراً واضحاً لهذا الاكتشاف العلمي حول الدماغ
ونشاطه الزائد بعد الموت بلحظات.. ذلك أن الإنسان في لحظاته الأخيرة تنكشف عنه
الحُجب ويرى الغيب، ومن ذلك الغيب الملائكة الكرام، سواء كانوا ملائكة رحمة أم
عذاب. ويرى حينها أموراً لن يستوعبها العقل الواعي بحساباتنا الدنيوية المنطقية،
ولكن القلب العامر بالإيمان، وبكل تأكيد، لن يجد صعوبة في أن يستوعب ويقبل وربما ينتظر
مثل تلك اللحظات، كما في عقيدتنا الإسلامية.
إن ذاك النشاط الكهربائي الزائد للدماغ الذي
يحدث في منطقة الإبصار بالدماغ، ربما له علاقة بلحظات خروج الروح من الجسد، والالتقاء
بالملائكة الكرام ثم العروج الى السماء السابعة والنزول مرة أخرى إلى الجسد، وبقية
القصة المعروفة كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق، عليه الصلاة والسلام في الحديث
الصحيح، إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه
ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس ... الى آخر الحديث.
خلاصة القول أن العلم الحديث يكتشف يوماً بعد
يوم، دليلاً تلو آخر على صدق ما جاء به الرسول الأمي صلى الله عليه وسلم، ويثبت
بالأدلة المادية ربانية هذا الدين الحق، الذي يخسر من يبتغي غيره. ويثبت كذلك العدالة
الإلهية في خلقه، حين جعل الدنيا محطة يختبر فيها البشر، يتمايزون فيما بينهم
لحياة أخرى حقيقية خالدة، وأن الموت لا يعني فناء ونهاية كل مخلوق، كما زعم كثيرون
منذ القدم، ولايزال آخرون على المنوال نفسه يسيرون ويعتقدون، وإلى يوم الناس هذا.
بل الموت محطة انتقال من حياة إلى أخرى ليس أكثر..
فماذا يريد منكرو الغيب والحياة الآخرة، بعد هذا
الاكتشاف العلمي البشري؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق