جزء حساس من جسم الإنسان والمسمى بالمخ.. محفوظ بحكمة وعناية بعظام قوية لا تنكسر بسهولة، عمله معقد إلى درجة غير مفهومة، وإن كان مع هذا التعقيد الشديد، يعمل بنظام محكم دقيق غير مفهوم آليات العمل فيه إلى يومنا هذا إلا بدرجة بسيطة جداً، رغم التقدم الهائل في الطب والتقنيات الخاصة به..
لو قُدّر لك أن تراه على الطبيعة، فإنه أشبه بمادة مهروسة مختلطة بأسلاك دقيقة حمراء، ومنتظمة بشكل مموّج لا تدري الحكمة من وراء تموجه. وزنه ضئيل مقارنة بأعضاء وأجزاء أخرى بالجسم، ولكن مع هذا كله، هو سيد هذا الجسم.
هو يأمر وينهى ويوجه ويقرر. هو من يأمر الأفخاذ بعضلاتها وعظامها القوية الكبيرة بالتحرك والانطلاق في وقت محدد ولهدف معين، ووظائف أو أوامر أخرى عديدة، منها ما نشعر بها وعشرات أو أكثر لا ندركها ولا نعلم بها..
عكف علماء التشريح والطب على دراسة المخ سنوات طوال، وتوصلوا إلى حقائق واكتشافات مذهلة، وهي كلها وبحسب آرائهم، جزء يسير من عالم المخ الغامض إلى يومنا هذا. بعضهم يعكف ويبحث ويغوص في أعماق هذا المخ، يريد أن يعرف آلية عمله، ليس كل أعماله بالطبع، وإنما ذلك المتعلق بالمشاعر والأحاسيس.. يريد أن يدرك كيف يتأثر هذا المخ وأين موقع التأثر ومن ثم أين موقع اتخاذ القرار بالتأثر أو الانفعال، وكيف يتصرف المخ كردّ فعل تجاه شعور أو انفعال معين وكيفية تحديد مدة الانفعال، وكيف ينسى الإنسان ذاك الشعور، سواء أكان مفرحاً أم محزناً، وموضوعات أخرى لا تُحصى.
يعكف آخرون على موضوع مهم هو العلاقة بين التمييز والجنون. الأمران نابعان من مصدر واحد وهو المخ. الأول يكون عليه الإنسان حين يعمل المخ بكفاءته أو يقوم بعمله الطبيعي، ويتحول ذاك الإنسان إلى حالة الجنون حين يتعطل المخ أو تختل وظائفه أو بعض وظائفه إن أردنا الدقة كدقة المخ نفسه.
الباحثون يبغون معرفة الذي يجري بهذا المخ الذي يحوّل إنساناً ما إلى مميز أو يميز، أو مجنون لا يعي ما يدور حوله ولا يميز.. والأمر مستمر إلى حينٍ من الدهر لا يعلم مداه إلا البديع العليم جلت قدرته.. ولا يسعنا نهاية الحديث سوى أن نردد قوله تعالى ربنا ما خلقت هذا باطلاً، سبحانك فقنا عذاب النا ر ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق