العالم أكبر من خمسة.. هكذا أعلنها السيد أردوغان قبل عام من الآن.. فقد أصبح العالم اليوم أكبر وأقوى وأوعى عما كان
عليه قبل خمسة عقود مضت. إنَّ العالم الذي اتفق على انشاء هيئة أمم متحدة وفق
قوانين ومبادئ معينة، وتحت ضغط الحروب والمآسي التي شهدتها مساحات كبيرة من العالم
ضمن جنون الحرب العالمية الثانية، وافق هذا العالم نفسه، على قرار الأقوياء في تلك
الفترة، الذين أنشأوا الهيئة الدولية هذه.. أمريكا، الاتحاد السوفيتي، الصين،
فرنسا وبريطانيا. وافقوا على القرار غير المنطقي ولا المقنع، لا قديماً ولا
حديثاً. قرار منح تلك الدول الخمس، ميزة حق النقض أو الفيتو، ضد أي قرار أممي!
ربما كان مقبولاً منح امتياز الفيتو لتلك الدول
الخمس لدى نسبة لا بأس بها من الدول في تلك الفترة وما بعدها بسنوات، ولكن مع سقوط
الإمبراطورية الشيوعية المتمثلة حينذاك في الاتحاد السوفيتي، وانحسار الشمس سريعاً
عن بريطانيا العظمى وكذلك عن جارتها فرنسا، وصعود قوى دولية جديدة، صار لها لها تأثيرها الواضح والقوي على الأحداث
العالمية، كل ذلك أثار الانتباه في العالم مجدداً إلى هذا الامتياز غير المنطقي، وغير العادل الممنوح لأولئك
الخمس.
الرئيس التركي أثار هذه المسألة عدة مرات، حتى
صار شعاراً يرفعه وينطق به ويدعو إليه في كل محفل دولي. نعم العالم اليوم صار أكبر
من تلك الخمس، أو على أقل تقدير أكبر من بريطانيا وفرنسا وروسيا، باعتبار أن ما
كان يميز هذه الدول الثلاث، صارت أخريات اليوم تتميز بها وربما أكبر وأقوى، سواء
كانت على مستوى القوة الاقتصادية أم العسكرية أم البشرية أم غيرها من قوى.
هناك دول تستحق أن تدخل منظومة الفيتو، إن لم
يتم إلغاءها، مثل الهند، اليابان، تركيا، البرازيل، ألمانيا، أو منح التكتلات
الكبيرة مثل هذا الحق. لكن المنطق السليم العادل، ألا يكون لهذا الامتياز وجود بين
الأمم، وإنما تكون علاقات الدول مبنية على مواثيق وعهود واتفاقات ليست أكثر، فيكون
الكل سواسية في مناقشة أي أمر واتخاذ القرار بشأنه، دون أن تضيع الجهود والأوقات
والأموال سدى كما الحاصل الآن.
إن هذا الامتياز غير السوي، أضاع حقوقاً لدول وبشر،
وأعان ظلمة ومجرمي حروب وآكلي لحوم بشر، ومن الأسباب الرئيسية للظلم الحاصل في
العالم، والفساد المنتشر. وإن مثل دعوة أردوغان لابد وأن تلقى تأييداً وترويجاً في
العالم كله، تتبناه الحكومات المتضررة ومنظمات حقوق البشر وكافة الهيئات المعنية
بمصلحة الإنسان.. مانحين أنفسنا أملاً في تغيير قادم بإذن الله، باعتبار أن دوام
الحال من المحال تعززه الآية الكريمة ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق