طرحتُ ذات مرة سؤالاً على عدد من الأصدقاء وقلت : ماذا لو كان إبليس قد أطاع
الأمر الإلهي كما فعلت الملائكة الكرام، وسجد لآدم ولم يتمرد ؟ هل كان ليطرده الله
من الملأ الأعلى ويطرده أيضاً من رحمته أيضاً ؟ هل كان يمكن أن يكون إبليس رمزاً
للخير كما الملائكة، يدفع نحو الخير ويقف ضد الشر؟ ولو افترضنا أنه سيرسله الله
إلى الأرض مع آدم لأي سبب من الأسباب ، آدم مع ذريته في عالم ظاهر بيّن، وذاك مع
ذريته في عالم خفي مستتر، فإن المحتمل أن ذرية إبليس كانت لتقتدي به في الخير
والصلاح وعمارة الأرض بصورة ما ، وستنشغل في عالمها بعيداً عن الغواية والوسوسة
المحرضة على الشر بأنواعه مع ذرية آدم ..
لو نتعمق بعض الشيء
ونفترض أن إبليس سجد لآدم عليه السلام ، فهل كانت علاقات البشر مع الجن ستكون طبيعية
ودية مثلاً، لا وسوسة ولا غواية ولا دفع نحو الشر ؟ المنطق يدفعك لقول نعم ، وستكون
طبيعية مثل علاقات الإنسان مع بقية عوالم وأحياء أخرى ، كالنبات والحيوان وغيرهما
..
لكن ماذا عن الشر؟
من سيلعب دور الشرير في هذه الحياة ؟ بل السؤال الأكبر والمهم في هذا السياق : هل
الشر أساساً يحتاج إلى وجود شيطان ؟ هل لهذا الصراع الذي نشأ بعد رفض إبليس فكرة
السجود، دوره في اتخاذ الكثيرين من بني البشر مبرراً لأفعال غير سوية، لاعتقاد أو
ظن أو وهم ، بأن ما حدث لم يكن ليحدث لولا غواية الشيطان أو أشياء من هذا القبيل
من التفكير والظنون؟
إن التساؤلات
والاستفهامات كثيرة في هذا الموضوع ، وقد تؤدي إلى موضوعات كثيرة أيضاً ومن شأنها
أن تثري النقاشات ، بل ربما نخرج منها بحصيلة طيبة من المفاهيم والحقائق، التي ربما
ساعدتنا نحن بني البشر في انتهاج خطٍ أو أسلوب حياتي ما، لكي نسير في حياةٍ واضحة
، لا كثير تشويش يعلوها ، بل نفهم طبيعتها بشكل أفضل، ونستوعب علاقات مكوناتها ، أكثر
فأكثر.. ورمضان فرصة لمثل هذه التأملات لمن أراد أن يتفاكر أو يتأمل بعض الوقت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق