سؤال قد يبدو غـريباً للوهلة الأولى ، باعتبار أنه لا إنسان على هذه الأرض لا يخاف ، ولا يهم من أي شيء يكون الخوف لكنه موجود بالنفس. وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها ..
ولنتعمق بعض الشيء ..
عادةً يكون الخوف من شيء غير مرئي وغير موجود أو محسوس. هنا الخوف يحدث بصورة أكبر لأنه يحدث بسبب وجود عامل مجهول، والمجهول دائماً يخيف أو يثير المخاوف ، كالخوف من عالم الجن مثلاً .. ولهذا يميل الناس إلى الوضوح في التعامل والشفافية والعمل تحت الأضواء ، منعاً لذاك الخوف أن يقع.
قد يقع الخوف أيضا حين لا تتوفر معلومات كافية عن الشيء الذي نخاف منه. حين نتعرض لامتحان دنيوي مثلاً في مادة دراسية معينة لا تتوفر كثيراً من المصادر والمعلومات بخصوصها، تكون نتيجة تلك القلة في المعلومات هي الخوف من الامتحان، وقس على هذا الكثير من الأمور .
لكن بالمقابل نخاف أيضاً في حال وفرة المعلومات ولكن ليست أية معلومات، بل تلك المرعبة والمخيفة أساساً، كأن يُطلب منك مقابلة مسؤول فج غليظ القلب لأمر ما لا تجد عندك من الحيل الإفلات منه.. خاصة إن كان هذا الغليظ عنده من الصلاحيات الشيء الكثير، وتحت إمرته جيوش من البشر ينفذون ولا يخالفون .. ألا تخاف للحظات من هكذا بشر وتتعثر في الكلام وربما المشي إليه ؟!
نستمر في سرد حالات الخــوف ، لنجد أنك تخـاف أيضـاً مـن مشروع جـديد لا خبرة لك به أو سمعت عن ضخامته وصعوبته وفشل آخـــرين ممن تصدوا لإدارته والقيام به .. نعم قـد تكـون على قـدر مـن التحــدي والثقة بالنفس ، لكن مع ذلك سيعتريك خوف للوهلة الأولى من استلام المشروع أو تبقى قلقاً خائفاً للأيام الأولى حتى تتضح لك الأمور وتطمئن بعض الشيء..
إن غالبية خوفنا تكون من أمور محسوسة، نراها بأعيننا ونسمعها بآذاننا ونستشعرها بكافة أحاسيسنا .. وهذا الخوف أمر طبيعي مفهوم، لن نقف طويلاً عنده ، لكن غير الطبيعي وغير المفهوم ألا يكون هناك خوف من القادم بعد هذه الحياة الدنيا .. وأعني بذلك الآخرة ، وللأسف أن غالبيتنا يستشعـر ويفهم هذا. أليس كذلك؟
مسألة الخوف من الحياة الأخروية وما يمكن أن يحدث لنا فيها، يتفاوت الناس فيها بحسب الإيمان لأن الخوف يزداد منها كلما زاد الإيمان والعكس صحيح. ولعل هذا الخوف هو المطلوب والممدوح لكن دون أن يطغى على الإنسان فيتجمد نشاطه ويتوقف بداعي الخوف من الآخرة . وهذا يحدث لمن يكون عندهم خلل في فهم الدين ومسألة الخوف والعمل للحياة الأخروية..
تجدهم من شدة الخوف ينسون نصيبهم من الحياة الدنيا فيعيشون الزهد والتشدد، فيميلون كل الميل، وربما مع هذا التشدد يقعـون في خطر الارتداد العكسي الذي يكون عنيفاً، بمعنى التحول وبدرجة كبيرة عما كانوا عليه، فيميلون أخرى ميلاً عظيماً، فيقبلون على الدنيا بتطرف بالغ وينسون الآخرة ، في حين أن المطلوب هو التوسط أو شيء من التوازن حتى في مسألة الخوف من الحياة الأخرى بعد الدنيا ..
وهذا لب الموضوع باختصار شديد.
وهذا لب الموضوع باختصار شديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق