
كلنا
يشتكي من ضيق الوقت وضغطه.. بل لا تجد أحداً إلا وتراه اشتكى مرة أو يشتكي مرات من
زحمة الأعمال وقلة الأوقات ! قد يكون صادقاً في شكواه وربما يكون مبالغاً ، فإن
سألته عن سبب تأخره مثلاً عن أداء مهمة ما، قال لك الوقت، وإن اقترحتَ عليه عملاً
ما، قال لك الوقت.. وإن طلبت منه موعداً أو لقاء ، قال لك سأرى وقتي .. وهكذا تجده
يؤجل أو يسوّف الأمور أو يلقي اللوم على هذا " الوقت " ، وبالطبع ، الوقت
منه براء.. فما الأمر وما الحكاية؟
إننا بكل بساطة ، نجد في إلقاء اللوم على الوقت ، تبريراً
جميلاً مقبولاً عند غالبيتنا ، عند حدوث أي إخفاق أو عدم إتمام أمر ما ، لماذا ؟ لأن هذا الوقت ليس بالشيء المحسوس أو يمكنه أن
يتجسد حتى نخاف منه ونرهبه ، فهو لن يدافع عن نفسه ولن يتكلم ، مهما عاتبناه
وألقينا عليه التهم ليلاً ونهاراً ، لكن لن تقدر أن تبرر اخفاقك أو عدم انجازك لعمل
ما مثلاً فتقول بأن السبب كان مسؤولك في العمل أو مديرك أو الرئيس الفلاني أو
والدك أو فلان أو علان ، لأن كل أولئك
يمكنهم رد الصاع عليك صاعين إن كنت تتهمهم وتريد الزج بهم في إخفاقاتك ، عكس هذا
الوقت ، الصامت الخفي .. هذه نقطة أولى.

إن حددت ساعة لك أو ساعتين، تكون لك وحدك لا يشاطرك أحد فيها ولو بدقائق معدودات ، تستمتع فيها وتعيشها من أجل صحتك وذاتك ، واعتبرها ما شئت ، ساعة خلوة أو ساعة راحة أو تأمل أو تدريب على مهارة أو هواية أو حتى تخصصها كي لا تعمل أي شيء فيها ! فإنك أحياناً ترغب في عمل لاشيء ، وهذا الأمر هو أيضاً عمل ، بل وعمل مهم ..
إن حددت تلك
الساعة ووجدت نفسك مندفعاً صوبها ومستمتعاً بها تنتظرها بفارغ الصبر كل يوم ، فاحرص
إذن ألا تتخلى عنها بأي طريقة وأي ثمن ، بل عض عليها بالنواجذ ما استطعت ، ثم انظر
إلى نتائج تلك المداومة على تلكم الساعة
الشخصية بعد حين من الدهر لا يطول عادة.. ستجدها غاية في النفع والإيجابية ..
إن ساعات اليوم هي حياتك ، وحياتك أحسبها
تستأهل كل خير ، ولا أظنك تبخل على حياتك بساعة واحدة في اليوم على أقل تقدير، من
أصل 24 ساعة تخصصها للجد والهزل كل يوم.. فهل أتحدث عن أمر صعب المنال؟