ما جرى اليوم الجمعة الثامن عشر من مارس 2011م ، سيسجله التاريخ على انه يوم عصيب أو من الأيام العصيبة التي مرت على اليمن السعيد طوال تاريخه .. سيكتب هذا التاريخ أن النظام لم يتمالك أعصابه وفقد البقية الباقية الضئيلة من الصبر عنده في التعامل مع الثورة السلمية للشعب اليمني ، الذي خرج أغلب فئاته منذ أكثر من شهر من الآن الى الشارع ، ولا يريد العودة الى البيوت إلا وقد أنجز أو صنع تاريخاً جديداً على غرار نظيره الشعب التونسي ومن بعده المصري ..
لكن يدرك الشعب اليمني مثلما يدركه أي شعب ثائر راغب في صناعة تاريخ جديد له ولوطنه أن صناعة التاريخ تتطلب مواد خام ، الدم هو الأساس أو المادة الأساسية ، وتأتي بقية المواد على شكل تضحيات وصبر على الأذى والبلاء مع مزيج من التخطيط والتنظيم مؤطرة بإطار من الثقة بالله أن النصر قادم إن صفت النيات وصلحت الغايات والأهداف ..
أحسب أن أحداث الجمعة الدامية ستكون المنعطف المهم في الثورة اليمينة ، وقد بدأت ملامح ذاك الإنعطاف باعلان الشارع أنه لا حوار مع النظام بعد اليوم ، بل تحول المطلب ليس برحيله النظام ورموزه ، بل الى محاسبته ومحاكته ، فإن الدم البريء الذي أريق اليوم ومن قبل ذلك ، لا يجب أن يذهب هباء ، بل لابد من السعي الى المطالبه بحقه والاقتصاص له ..
الآن صار التنافس على من يهدر الدماء البريئة أكثر من الآخر ، بين نظامين هما النظام الليبي والنظام اليمني .. هناك في ليبيا تشتد المعارك خاصة من بعد تضييق الخناق على القذافي ، ويسقط الكثر من الأبرياء ، وهنا في اليمن الأمر لم يعد بأقل مما يجري في ليبيا ..
وأحسب أن الأمور في تصاعد ..
كل ما أتمناه وكل محب لليمن ، هو ألا يتم استدراج الشعب الثائر المسلح الى استخدام سلاحه . الهدف واضح للنظام وهو استدراج هذا الشعب المعروف بتسلحه الى صدام عسكري مسلح .. إذا فقد الشعب صبره ورباطة جأشه وبدأ باستخدام السلاح ، فهذا سيعطي النظام المبرر للرد ، وهو في كل الأحوال أفضل تدريباً وعتاداً ، ودم الشعب سيكون هو الأكثر فقداً دون شك ..
يبدو أن المجتمع العربي الشعبي والرسمي مطالب أيضاً بالنظر الى الوضع اليمني الذي بدأ يسوء ويتدهور كما الليبي .. ولابد من تدخل حكيم فلعل الحكمة اليمانية تكون باقية في النظام بصورة من الصور ، وبسببها يهدأ ويستجيب لصوت العقل والحكمة ويرحل ، وإن كان الظن عكس ذلك ، لأن الحكمة اليمانية يبدو أنها طارت أو اختفت من أن بدأت هذه الثورة الشعبية ..
حمى الله اليمن وأعاده سعيداً هانئأ حكيماً ، وليس من توجيه في هذا المقام سوى الصبر والمصابرة ، فإن الفجر قريب بإذن الله ، والفجر لا يظهر إلا بعد أحلك فترات الليل وأكثرها سواداً .. فهل تصبرون ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق