من التجارب الإنسانية التي يمكن أن يمر بها أي إنسان هي الطلاق، حتى لو لم تكن التجربة قاسية ومؤلمة، وحتى لو كان الطلاق أنسب وأفضل الحلول لمشاكل زوجية معقدة، فإن التجربة ستظل واحدة من التجارب الحياتية القاسية، ويكفي أنها أبغض الحلال إلى الله.
الطلاق يعني إحداث شرخ في عقل ونفس الشريكين، الرجل أو المرأة. حتى وإن قيل بأن الرجل عادة لا يتأثر كما المرأة لأن هذا اعتقاد غير صحيح. الطلاق يعني أن كل طرف به خلل ما، وأدى به أو بها إلى اختيار هذا الحل المر لعلاجه.
الطلاق يعني أنني كزوج لا أثق بك أيتها المرأة كزوجة، والعكس صحيح. الطلاق يعني فقدان الثقة بين الشريكين، ويعني نهاية فترة حلوة مهما طالت أو قصرت، ومهما كانت مليئة بالمشكلات. الطلاق ينهي كل شيء جميل كان قبل الزواج وبعده.
الطلاق يحدث شرخاً في نفس المرأة والرجل، حتى لو تنفس الصعداء كل واحد منهما من بعد وقوعه، نعم سيتزوج الرجل وربما تتزوج المرأة أو لا، لكن لا يمكن أن ينسى أي طرف علاقته أو علاقتها الأولى. ستطل الذكريات على حياة الطرفين وخاصة الجميلة منها، حتى لو كان كل طرف يعيش حياة أخرى جديدة.
الطلاق يعني فقدان الثقة والاحترام وكذلك الحب من كل طرف إلى آخر. ستهتز كل تلك الأمور. ستهتز ثقة كل طرف بنفسه وتراهما على درجة من التردد كبيرة في خوض تجربة حياة زوجية ثانية، وهذا التردد وعدم الثقة بقدرة النفس على بناء حياة جديدة هي تجربة مؤلمة قاسية، مهما كان الطلاق حلاً مناسباً، لأن المسألة تتعلق بمشاعر وأحاسيس، ونحن البشر في النهاية عبارة عن مشاعر وأحاسيس.
الطلاق يمكن أن يكون مؤشرا على أنني كرجل لا أنفع زوجاً، والمرأة لا تنفع زوجة، وإلا ما حدث الطلاق والانفصال. قد تقول المرأة إنه هو السبب ويقول الرجل إنها السبب، لكن في النهاية سيرضخ الاثنان لنفس النتيجة، وهي الطلاق والانفصال ومكابدة الأحزان، والسهر على مداواة الجرح الذي لا يندمل سريعاً، حتى لو عاشت المرأة أسعد أيامها مع رجل آخر، أو عاش الرجل أسعد أيامه مع امرأة أخرى.
من مر أو مرت بالتجربة هذه، فالله في عونهما، ومن كان على حافة الوقوع في هذه التجربة، نسأله ونسألها التريث والتدبر والتعقل، فيما بقية الأزواج نسألهم أن يعض كل طرف على الآخر بالنواجذ وعدم التفريط به أو بها، وليس هناك شيء أسهل من الهدم وليس هناك ما هو أصعب من البناء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق