تحدثنا عن أهمية التوازن في مسألة الرغبة في قضاء حوائج الناس وحل مشاكلهم إن كان أحدنا صاحب قدرة على ذلك، وبين الاهتمام بحوائجه هو ذاته وحل مشاكله وعدم التضحية بها في سبيل الآخرين، وإن كانوا على درجة من الأهمية كبيرة، فالأولوية للنفس كما علمنا من ذي قبل.
أي إنسان في وقت الأزمات وعصائب أو عظائم المواقف يميل إلى نفسه ويعتبرها الأجدر والأولى بالاهتمام والرعاية. في مثل تلك المواقف الحياتية ستجد الغالبية العظمى تقول: «نفسي نفسي».. فأين أنت من هذا وأنت ترغب في إدارة حياتك بشكل صحيح؟
إن كنت لا تدرك هذا المعنى فأنت إذن لا تدير حياتك بشكل صحيح.
نفسك نفسك.. حقيقة حياتية أو مفهوم حياتي مهم يجب أن يظل حاضراً في كل الأوقات وأنت تدير حياتك. اهتم بنفسك وعالج مشاكلك وقدّر ذاتك وأرح نفسك وخطط لها، تكن أسعد الناس، بل ويسعد كل من حولك في كل الأزمنة والأمكنة والمواقف المتنوعة في هذه الحياة. هذه حقيقة أولى مهمة في إدارتك لحياتك.
الحقيقة الثانية هي أن الاهتمام بالنفس أولاً وقبل الغير مفهوم ديني، بمعنى أنك ستأتي يوم القيامة، يوم الحساب والكتاب، وأنت بمفردك لا أحد معك أو ينفعك. اليوم الذي لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. هذا دليل واضح أنه لا أحد سينفعك إن كنت مقصراً في دنياك. وربما يومها تتوسل إلى ابنك أو زوجتك أو حتى أمك أن يمنحوك بعض ما لديهم من حسنات أو تطلب منهم أن يسمعوك أو يقفوا معك لحظات تشرح لهم وضعك، فلا تجد أذناً صاغية وتراهم يهربون منك وأنت الذي بذلت الغالي والنفيس في الدنيا من أجلهم .. لكن الأمر اختلف الآن في هذا اليوم العصيب ..
لا أعني بهذا الحديث أن نتجاهل الأرحام والأهل والأصدقاء أو تنقطع صلات الرحمة وعلاقات الود والمحبة والتعاون بين الناس .. لا، ليس أعني هذا أبداً. لكن بالقدر الذي نقوم في الدنيا بتعزيز علاقاتنا مع الغير ونسير في حاجاتهم، فإنه بالقدر نفسه على أقل تقدير، مطلوب أن يهتم أحدنا بنفسه وحياته، لأنه لن ينفعنا أحد في غدنا سوى أنفسنا .. وهذه حقيقة مهمة لابد أن نعيها ونحن نتفكر في مسألة إدارة حياتنا .. هذه الحياة التي لا نعطيها إلا أقل القليل، في الوقت الذي تستحق منا الكثير والكثير..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق