الماء هو المكون الأساسي لكل شيء حي، وعنصر لازم وفعال فيما يحدث من
تفاعلات داخل الجسم. فهو إما وسط ناقل أو عامل مساعد أو داخل في هذا التفاعل أو
ناتج عنه. أي إن له صلة بالعمليات الحيوية بصورة أو أخرى،
ما يفيد أهمية هذا العنصر في الأجسام الحية. لكن أغلبنا اليوم صار يشرب مياهاً
ميتة ! وقد تتساءل وتقول كيف؟
يقول علماء الأحياء بأن الماء الذي ينساب من على الجبال مثلاً،
مروراً بأودية وسهول ومنحنيات كثيرة ودون ضغوط خارجية أو مواد كيماوية مختلطة به،
فإن أثره على الجسم أكثر فاعلية من تلك المياه التي نشربها بالبيوت، التي تسير في
رحلة عنيفة من مصادرها الأساسية إلى المصافي، حيث الترشيح والتنظيف والكيماويات،
ثم دفعه وضغطه في أنابيب متنوعة الأحجام في رحلة أخرى طويلة لمئات أو آلاف
الكيلومترات حتى تصل البيوت.. لا شك أن هذا الماء يصل وقد بلغ حد الإنهاك، إن صح
التعبير، وفقد طاقته طوال تلك الرحلة الطويلة، وبالتالي أصبح ميتاً تقريباً قبيل
دخوله أجسامنا !
إضافة إلى ما يتعرض له الماء في
رحلته العنيفة الطويلة والذكريات المؤلمة خلالها، يصلنا هذا الماء ليستقر في
خزانات وأنابيب داخل البيوت، ليدخل بيئة جديدة ويتأثر بمشاعـر البشر المختلطة، لاسيما
السلبية منها، فيتلوث أكثر من ناحية تركيبته، عبر امتصاصه لمشاعر مختلطة من
الأحقاد والكراهية والضجيج من حوله والصادرة عن البشر الموجودين بالبيوت، حتى إذا
جاء أحدهم يشرب كأساً من هذا الماء، وجدته يشرب ماءً ميتاً لا طاقة فيه.. فقد يروي
لكنه لا يؤثر إيجاباً على خلايا الجسم..
فماذا يعني كل هذا الكلام ؟
هناك فرضية علمية ما زالت قيد
الأبحاث والدراسات بالمختبرات، خلاصتها أن للماء ذاكرة، تُخزن كل المعلومات التي
تجري حوله، والصادرة عن الأصوات والموجات المغناطيسية، أو الحرارة والبرودة، أو
الأضواء والاشعاعات أو غيرها من مؤثرات.. وقد كان المعتقد عند العلماء وإلى وقت
قريب أن التركيب الكيميائي للماء، هو المهم في حصول ووقوع التأثير، لكن ثبت
بالتجارب أن التشكيل الهندسي لجزيئات الماء هو الأهم، بل هو السر في موضوع الذاكرة
وتأثير الماء. وقد تبين من خلال التجارب المعملية أن
التشكيل الهندسي لجزيئات الماء يتغير مع كل صوت أو ضوء أو تفاعل مغناطيسي؛ وأن أي
تشكيل هندسي يحصل نتيجة مؤثر خارجي، إنما هو بمثابة إنشاء خلية معلوماتية تُخزن
فيها كل المعلومات الناتجة عن الحاصل حول الماء، وأن تلك المعلومات أو التشكيلات
الهندسية أشبه بالأبجدية في أي لغة.. مجموعة حروف متناثرة لن تفهمها ما لم تنتظم
في كلمات وجمل مفيدة، وهكذا مع الماء. بمعنى آخر، وحتى يحدث تأثير الماء في خلايا
الجسم، لا بد من مؤثرات خارجية تدفع جزيئات الماء إلى تشكيلات هندسية مفهومة
للخلايا الحية، التي تبدأ بدورها تعيد برمجة ذاكرتها وفق المعلومات الجديدة
القادمة إليها عبر الوسيط هنا وهو الماء.
إن الدماغ البشري أغلبه ماء، كما
بقية أجهزة وأعضاء الجسم. وأي ماء يدخل إلى تلك الأجهزة يتم امتصاصه من قبلها. وما
يحدث بحسب تلك الفرضية، إنما هو عملية امتصاص للمعلومات المخزنة في ذاكرة الماء،
وعلى ضوء تلك المعلومات تتأثر خلايا الجسم وتتغير خصائصها، إما إيجاباً أو سلباً.
وإن أردنا فهم هذه الفرضية العلمية
التي هي أقرب ما تكون إلى حقيقة علمية على ضوء ثقافتنا الإسلامية، فالأمر واضح
جلي. حيث وردت آيات وأحاديث كثيرة حول الماء ومنافعه في مسائل الاستشفاء والتداوي
والعلاج بالقرآن الكريم، وتدعو إلى استخدام الماء كوسيط لذلك، انطلاقا من قوله
تعالى" ونُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ". فقد كان الأولون منا يستخدمون الماء في الاستشفاء بالقرآن،
عبر قراءة آيات محددة على الماء، لاسيما ماء زمزم المبارك، ومن ثم شربه والاغتسال
منه، مع إيمان ويقين تام لا يتزعزع، أن الشفاء بيد الله، وإنما التداوي بالماء
والقرآن وسيلة وسبب لتحقق الشفاء المرجو من عنده سبحانه.
يقول ابن قيم الجوزية: " ولقد
مر بي وقت بمكة، سقمتُ فيه وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها - أي الفاتحة -
آخذ شربة من ماء زمزم، وأقرؤها عليها مراراً، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام،
ثم صرتُ أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع". ويقول
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما كون القرآن يُكتب في إناء ويُصب عليه
الماء ثم يروج ويشربه الإنسان، فهذا فعله السلف رحمهم الله، يكتبون في إناء
للزعفران آية الكرسي، المعوذات وشيئاً من القرآن ثم يُصب عليه الماء، ويروج هكذا
باليد أو بتحريك الإناء، ثم يشربه الإنسان فهذا فعله السلف، وهو مُجرب عند الناس،
ونافع بإذن الله".
على ضوء ما سبق، وبناء على فرضية أن
للماء ذاكرة، وقدرتها على التخزين وتأثير المعلومات المخزنة على الوسط الذي يدخل
إليه الماء، يمكننا فهم وتفسير مسألة التداوي بالقرآن، واستخدام الماء كوسيط جيد
لحمل ما في الآيات القرآنية من " الشفرات " أو المعلومات العلاجية إلى
خلايا الجسم المتأثرة بمرض أو علة ما، فيحدث في تلك الخلايا نوع من إعادة برمجة
ومعالجة لمعلومات سقيمة قديمة، بأخرى داخلة جديدة؛ تماماً كما نقوم بتحديث أجهزتنا
الإلكترونية بين الحين والحين، كيلا يكون الجهاز متأخراً وربما لن يعمل بكفاءة بعد
وقت قصير..
من هنا، وحين جاء في ديننا ما يفيد
ويؤيد مسألة قراءة آيات من القرآن على الماء بنية الاستشفاء والتداوي بإذن الله،
فإنما هذه هي قصتها، من قبل أن يدرك أحد هذه الفرضية العلمية، التي تتجه لتكون
حقيقة علمية عما قريب بإذن الله، ولتؤكد أن الله ما " خلق هذا باطلاً "
سبحانه، إنّه حكيم خبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق