مهما شرّقت وغرّبت وطالعت في تاريخ وسير الأولين، فستجد
أن كثيرين من أصحاب النهايات الأليمة، على اختلافها وتنوعها، كان حب الاستحواذ على الأشياء، أو الطمع في ما عند الغير، أو أنانية في غير محلها، من أسباب
نهاياتهم.
قابيل، أحد أبناء آدم عليه السلام، نهايته كانت أليمة. الطمع
في ما عند غيره، كان سببها الرئيسي، بل أول من ارتكب جريمة قتل نفس بريئة، حتى صار
قدوة لكل قاتل، وصاحب سنّة سيئة إلى يوم الدين.. وقس على ذلك ما قام به جبابرة
وأباطرة، وملوك وزعماء على مدار التاريخ، والى يوم الناس هذا، من تصرفات وأفعال
دموية وحشية، أهلكت الحرث والنسل.
سلوكيات أولئك
البشر، إنما ترجمة حقيقية على أرض الواقع، لأطماع النفوس أو أنانية بالغة أو حب
شديد للاستحواذ وامتلاك ما عند الغير، بصورة وأخرى، وإن كانت بغير وجه حق هي
الصورة الغالبة، لأن التراضي وتبادل الأملاك والخيرات، لا تفرز عنها دماء تسيل ولا
أرواح تُزهق.
إن مرض الطمع
أو الاستحواذ على ما عند الغير، أو تلك الأنانية البشعة المتمثلة في حب تملك
الأشياء، ومنع الآخرين منها، إنما هي أمراض نشأت منذ الصغر لم يتم التنبه إليها
مبكراً، بل ربما وجَدَتْ بيئات مشجعة أو داعمة لها بشكل وآخر، حتى إذا تضخمت
وانتشرت بالنفس، صارت أمراضاً قلبية، الشفاء منها عسير والسيطرة عليها أمرها غير
يسير، فتؤدي بصاحبها إلى نهاية غير سعيدة، كنتيجة أخيرة نهائية.
ما
انتشرت الحروب والصراعات بين البشر، سواء على شكل أفراد أو جماعات وأحزاب، وصولاً
إلى الدول، إلا نتيجة مرض الطمع فيما عند الغير، أو حب تملك الآخرين، أو أنانية
عميقة لا تحب الخير للغير.. ولأن البشر ما زال كثيرٌ منهم ينشأ على مثل تلك
الأمراض، تجد الأزمات والمشكلات والحروب والصراعات مستمرة إلى ما شاء الله لها أن
تستمر، ولا سبيل للخلاص من تلك الأمراض إلا عبر تعميق الإيمان بالله، الخالق
العادل، وبحياة أخرى قادمة لا ريب فيها. سيأخذ فيها كل ذي حق حقه، ولا يظلمُ ربك
أحدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق