العزلة تبدو
أحياناً مرغوبة وبشدة، لاسيما في حالات شعور المرء بالهم أو الحزن والضيق، والرغبة
في الانفراد مع النفس بعض الوقت، لا يتعرض خلالها لأي مؤثرات خارجية.. وتلك الرغبة غالباً
تأتي بدوافع من النفس
وأهمية
الانعزال ولو لحين من الدهر
قصير، من أجل إعادة النظر فيما مضى وفات، والتفكير فيما هو قادم وآت.
إنّ التوجه
نحو الانعزال أحياناً، يكون بدافع الفضفضة إلى النفس ليس غيرها. حيث لا يجد أحدنا في
حال سيطرة الهموم والغموم على نفسه، أفضل من نفسه هو.. وأحسبُ أنك مررت بتجربة الانعزال
مرات ومرات، وانفردت بنفسك عن الناس، ووجدت راحة نفسية لا توصف، بل ربما توصلت أثناءها
إلى حلول ناجعة لكثير من عوالق المشكلات والمهمات في حياتك.
لكن
هناك من يتجنب العزلة لأي سبب كان، فيما غيره لا يقوم بأمر إلا بمعية شخص أو أكثر،
فالأمر ها هنا تبع للميول والأمزجة الشخصية، وربما يعود للتكوين النفسي والاجتماعي
للشخص.
إنّ الانعزال المخيف الذي يتطلب استعداداً
وتدريباً من الآن، هو ذاك القادم مستقبلاً.. والواضح بذاته في الآية الكريمة (وكُلُهم
آتيهِ يوم القيامة فردا)، أي وحيداً. لا زوج ولا أب، ولا أم ولا أخ، ولا صديق
أو زميل، ولا مال أو بنين.. لا شيء من تلك المعونة أو الحماية البشرية، ولا شيء كذلك
من تلك التي نتفاخر بها في الحياة الدنيا، من حشم وخدم، أو عشيرة وقبيلة أو غيرها..
كل أحد منا سيأتي ويقابل جبار السماوات والأرض
وحيداً منفرداً. لا شفيع ولا وسيط. سينظر سبحانه إلى أحدنا وما قدمت يداه، فإن
خيراً فخير، وإن شراً فشر، أو يحكم في خلقه ما يشاء، وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة، ولا يظلم أحدا.
لابد أن ندرك أننا
كتلٌ حية متحركة تحمل الذنوب والآثام، مثلما الخيرات والحسنات.. نذنب ونستغفر،
نعطي ونتصدق، ووجودنا مؤقت في حياة قصيرة جداً، والأهم من كل ذلك أننا على موعد أكيد
مع الله، وهو ما يدعونا إلى التدرب على الانعزال بين الحين والحين، والتفكر ليوم
الانعزال والانفراد ذاك.. تلك العزلة التي لا نتمنى أن نخرج عنها، إلا نحو رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ليأخذ بأيدينا الى تلك الجنة التي لا نعلم طولها، لكن
عرضها عرض السماوات والأرض فقط..
أحسنوا الظن بالله واسألوه العافية.
هناك تعليق واحد:
أنني امر بهذه المرحلة من العزلة حاليا !!
إرسال تعليق