يشغل كثيرون أنفسهم بموضوعات من تلك المتعلقة بالمس والسحر
والحسد وما شابه، ويبحثون هنا وهناك عن العلاجات، وربما صرفوا الآلاف من الريالات
على الزيوت بأنواعها أو على أشخاص يشتغلون في مجال الرقية الشرعية، وأحياناً على
دجالين ومشعوذين.
الأمر أبسط مما نتصور.
العلاج يمتلكه كل أحد منا، لا يكلف درهماً ولا دينارا. بل وقبل البحث عن العلاج،
يستطيع أي أحد منا حماية نفسه من تلك العلل المرتبطة بالمس والحسد والسحر، ولكن لا
يقتنع كثيرون بما سنقول، حتى وإن تظاهروا العكس من ذلك.
تأمّل معي الحديث الشريف الذي رواه البخاري في صحيحه،
عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو يذكر صفات أوائل
الداخلين إلى الجنة بقوله:" يدخل
الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم
يتوكلون".
لاحظ
أن أول صفات السبعين ألفاً الأوائل الذين يدخلون الجنة بغير حساب، أنهم لا
يسترقون، أي أنهم لا يسعون إلى أحد يطلبون منه الرقية، لكن بدلاً من ذلك، هم يرقون
أنفسهم بأنفسهم، وقد قال علماء كثيرون بأفضلية رقية المرء لنفسه بنفسه، اقتداء
بسيد الخلق والمرسلين. فقد جاء عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت:" كان رسول
الله إذا آوى إلى فراشه، نفث على كفيه بـقل هو الله أحد وبالمعوذتين جميعاً ثم
يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده".
تلك
نقطة أولى في هذا الموضوع. أما الثانية، وقبل البحث عن العلاج، فلابد أن نسعى
للوقاية أولاً من تلك الشرور، عبر الأذكار اليومية الواردة عن النبي صلى الله عليه
وسلم، مرة في الصباح وأخرى بالمساء كما يعلم الجميع، فإذا قدّر الله أن يُصاب
الإنسان بشر من تلك الشرور، فالعلاج هو الرقية الشرعية المعروفة عنه صلى الله عليه
وسلم، يقوم بها المرء بنفسه، فذلك أدعى للإخلاص، ولأن ذلك دليل على تمام التوكل
على الله وحسن الظن به، بدلاً من السعي هنا وهناك بحثاً عن راق يرقيه، سواء كان
لوجه الله أو يعمل بالأجرة.
خلاصة الحديث، أن علاجك ووقايتك في صلاتك
وقرآنك وسنة نبيك. كلما جعلتهم من أساسيات ومحاور حياتك الرئيسية، كلما حفظت نفسك
من شرور الإنس قبل الجن، والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق