فلسفة أو حكمة شهيرة في التربية للفيلسوف الفرنسي روسو يقول:
" قبل أن أتزوج، كان لدي ست نظريات في تربية الأطفال. أما الآن فعندي ستة
أطفال وليس عندي نظريات لهم".
أحسبُ أن
المقولة أوضح من الشمس في كبد سماء الدوحة أيام القيظ أو الصيف .. فالتنظير أمره غالباً أسهل
من الواقع العملي.. ومن يُكثر التنظير في مسائل التربية، ويظهر كرمه في التوصيات
والتوجيهات والإرشادات، فاعلم أنه غالباً يعيش في عالم مقطوع الصلة بالواقع
العملي.. إما أنه بلا أبناء إلى ساعة كتابة نظرياته أو أنه صاحب عيال يرتعون في
حضانة أو في سنوات أولى من تعليمهم الابتدائي.
قد تستطيع
التنظير في مسائل العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والرياضيات وغيرها من تلك
التي تتعلق بالمواد، لكن ليس الأمر كذلك مع الإنسان، فقد تخرج بنظرية ما بعد سلسلة
ملاحظات على بشر، لكنك لا تستطيع تعميمها باعتبار أن البشر مختلفون على الدوام أو
هكذا هم الأصل، فما تجده نافعاً جيداً لإنسان، قد لا يكون بالضرورة كذلك لإنسان
آخر، وهكذا.
قبل أن
تكون أباً أو أماً، قد تستهويك كتب التربية المتنوعة، فتجدها جميلة سهلة، وتبدأ
تتخيل نفسك وقد رزقك الله الأبناء، وكيف أنك بدأت بتطبيق تلك النظريات عليهم،
ووجدتهم يأتمرون بأمرك ويرون ما ترى.. وتبدأ بعد ذلك تعيش مرحلة الاندهاش حين تسمع
شكاوى الآباء والأمهات والمعلمين من عالم الأبناء على اختلاف أعمارهم، فتستغرب
شكاواهم رغم وجود كتب تربوية سهلة مفيدة، فتتساءل: لم لا يقوم أولئك الشاكون
بتطبيقها على أبنائهم؟!
فلا تجد
إجابة
الرد
سيأتيك ولكن بعد عدد من السنين، حين تبدأ تعيش ما كان الشاكون يعيشونه.. حيث تجد
أبناءك وقد وصلوا سن الرغبة في التحرر من قيود الوالدية أو الأسرية، فتشعر بأن كل
ما كنت تقرأه قديماً قد تبخر، أو كأنما صارت أوهاماً وخيالات، فلا تجد حينها الوقت
الكافي لتستحضر تلك النظريات لتطبيقها، باعتبار أنه قد حان وقتها.. لكن ستدرك أنك
تتعامل مع كائنات ذكية، الأصل أنها تتغير وذات أمزجة وطبائع متغيرة باستمرار، فما
ينفع معها اليوم أمر، قد يكون عديم المنفعة بالغد.
بالمختصر
المفيد..
استفد من
خبرات غيرك العملية، وأكثر من دعوات الهداية لأبنائك، وردد دوماً وأبداً: "رب
اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي، ربنا وتقبل دعاء".. فإن الصلاة مفتاح أساسي للتربية ، فإن اعتاد الطفل وحرص عليها، فتاكد أن ما بعدها أيسر وأسهل بإذن الله..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق