Valerie Lamb |
جاء رجل إلى الفاروق
عمر، رضي الله عنه ، ومعه شاهد يشهد..
قال: ائت بمن يعرفك ، فجاء برجل.
قال له عمر
: هل تزكيه، هل عرفته؟ قال : نعم
فقال عمر: وكيف عرفته؟
هل جاورته المجاورة التي تعرف بها مدخله ومخرجه؟
قال: لا
قال: هل
عاملته بالدينار والدرهم الذي بهما تعرف بهما أمانة الرجال؟
قال: لا
قال: هل
سافرت معه السفر الذي يكشف عن أخلاق الرجال؟
قال: لا
قال: فلعلك
رأيته في المسجد راكعًا وساجدًا فجئتَ تزكيه.
قال: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال عمر رضي الله عنه: اذهب، فأنت لا تعرفه ،
ويا رجل
ائتني برجل يعرفك فهذا لا يعرفك .
إن من
السلوكيات الخاطئة التي يقوم بها كثيرون هي الحكم على الغير وفق ما يراه غيره ،
وليس ما يراه هو بنفسه أو يسمعه أو يعايشه ويختلط به . إن من الخطايا العظيمة في
علاقات البشر بين بعضهم البعض ، أن يقوم أحدهم بذلك مع الناس ، فما تراه مثلاً أنت
، قد لا يكون بالضرورة ما يراه غيرك بنفس الزوايا والألوان والظروف ، وبالمثل ما
تراه في أمر ما أنه شنيع ، قد لا يكون أو لا يتفق معك غيرك بالضرورة ، وهكذا .
أغلبنا
قام في مرة من المرات بالحكم على آخرين وفق منظور آخرين !! أي رأى بعيون غيره وسمع
بآذانهم ومن ثم وقع في إثم الحكم على الغير بناء على معطيات غيره، فهو استخدم معلومات جاهزة من لدن الغير دون بذل
جهد في بحث واستقصاء وغيرها من طرق جمع المعلومات .. وهناك الكثير من النماذج في الحياة لا يمكننا سردها ها هنا، نتسرع
في الحكم على الشيء قبل أن نتفهم الأمر من كافة جوانبه، وتبعاً لذلك تحدث من
المشكلات وسوء الفهم، الكثير الكثير.
هذا الأمر يتسع أيضاً ليشمل
الشعوب والدول والحضارات، فلا يمكنك أن تحكم على دول أو أمم، وثقافاتهم وعلومهم
وأخلاقياتهم، دون أن تكون على إلمام بها، فإنك ترتكب ذات الخطأ المشار إليه قبل
قليل .. ومن هنا حاول مثلاً أن تتجنب الحكم على شعب ما في أخلاقياته وأفعاله أو
سلوكياته ، قبل أن تعاشره وتخالطه وتتعرف على تفاصيل حياته ويومياته وظروفه الاجتماعية
والاقتصادية والثقافية وغيرها .. وفي هذا السياق ، دوماً وأبداً تذكر قوله تعالى :" إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم
وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق