لم يكن بالسهل على الأمريكان
قبول خسارتهم استضافة كأس العالم 2022، بل لم يكن يخطر ببالهم أنها ستخسر أمام
دولة صغيرة مثل قطر، التي فازت باستضافة المونديال بعد أن تقدمت على كل من اليابان
واستراليا وكوريا الجنوبية، التي خرجت من الأدوار الأولى، ثم تتخطى هذه الدولة
الصغيرة في الجولة الثالثة والأخيرة، دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية،
الدولة الوحيدة خارج قارة آسيا التي دخلت تنافس الآسيويين لاستضافة المونديال، على
الرغم أنها حظيت بفرصة التنظيم عام 1994. لكن الطمع وما يفعل!
صدمة الأمريكان
كانت كبيرة، كعادتهم في كثير من الصراعات والحروب العسكرية.. ولأنهم ما زالوا تحت
تأثير الصدمة على الرغم من مرور سنوات خمس على هذا الأمر، تجدهم إلى اليوم أبعد ما
يكونون عن الاقتناع بالخسارة كغيرهم من الدول التي خسرت وقبلت الأمر بروح رياضية،
إلا أن الأمر مع الأمريكان يختلف، ولابد من انتصار ولو معنوي، تماماً كما هي
طريقتهم في الحروب.. فإنهم قد دفعوا بآلتهم الإعلامية الجبارة لسنوات عديدة لتحويل
خسارتهم في فيتنام إلى نصر ولكن عبر هوليوود!! حتى صارت تلك الأفلام موضة قديمة
غير مقبولة، فأعادوا السيناريو مرة أخرى بعد سنوات، ولكن مع الأفغان، وكرروا الأمر
مرة ثالثة مع العراقيين، وهكذا هم مستمرون.
مناوراتهم ضد الفيفا بمعية
آخرين أوروبيين وللأسف بعض العـرب، ضد إجراءات اختيار قطر تحديداً وكذلك روسيا،
وإن بدرجة أقل، إنما فقط للتشويش على الرأي العام العالمي، وأن الأمر فيه فساد وما
شابه.. إن النجاح كما يُقال، يخفي العيوب، فكذلك لو على سبيل الافتراض قلنا بأن
الولايات المتحدة فازت باستضافة 2022 ، هل كنت ستجدهم بهذا العنف ضد الفيفا، وعلى
افتراض صحة مزاعم وجود فساد في هذه الإمبراطورية؟ بالطبع لا، لماذا؟
الأمور كانت ستستمر بهدوء، لأن
هدف أباطرة المال في الولايات المتحدة قد تحقق، وهم على شكل شركات علاقات عامة
وتنظيم فعاليات ونقل وبث تلفزيوني وغيرها من الشركات المستفيدة من مثل هذه
الفعاليات. تلك الشركات العابرة للقارات التي لا أشك لحظة أنها المصدومة أكثر من
غيرها بعد خسارة كنز لم تكن بالحسبان مطلقاً ، وتلك الخسارة هي التي تدفعهم لتوظيف
الساسة في إثارة الغبار والأتربة بين الحين والحين، على أمل أن يحدث حادث ويعود
الزمن إلى الوراء لعام 2010 ليعلن بلاتر أن الفائز باستضافة 2022 هو أمريكا بدلاً
من قطر!! في مشهد بالغ الأنانية والعنصرية وشراهة لا محدودة.
لن أندهش إن سمعتُ بأن هوليوود
ستنتج فلماً سينمائياً عما قريب عن الفيفا والتركيز على مونديال 2022 ، وكيف أن
أمريكا كانت الضحية!! لا تستغربوا أبداً.. فكما أنهم حولوا خسائرهم وانتكاساتهم
العسكرية في فيتنام وأفغانستان والعراق ،عبر هوليوود، إلى انتصارات سينمائية، فإنه
لا يمنعهم مانع من تكرار السيناريو نفسه، ولكن هذه المرة في عالم الرياضة.. فهكذا
القوة حين تخرج عن السيطرة، تجدها أحياناً تدفعك إلى الغرور وما ينتج عن ذاك
الغرور من كوارث ومصائب.. فهل يهدأ الأمريكان؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق