
اندحار الصهاينة بعد عدوانهم البربري الأخير ضد
غزة ، واعتراف كثيرين منهم بالهزيمة ، دفعتهم إلى توجيه الأنظار نحو الخارج
للتخفيف من أعباء الهزيمة وكيلا تتعاظم
صورة المقاومة الفلسطينية وحماس في نظر الإسرائيليين ، واعتبار أن ما جرى لم يكن
ليحدث لولا أن يداً خارجية ساندتهم ، فوجدوا في قطر مبتغاهم ، رغم
الفارق الهائل بين وقوف الولايات المتحدة ودعمهم لهم أثناء العدوان ووقوف قطر مع
المقاومة إن جئنا لنقارن بين وقف معهم ومن وقف مع غزة ..
لاشك أن قطر بوقوفها مع الحق في غزة، له تبعات
وارتدادات ، ولم يكن هذا بالخافي على الحكومة القطرية ، وإن ما يجري الآن ضدها من
صهاينة الشرق والغرب خير شاهد على ذلك، وهذا أمر توقعه أي مراقب للأحداث ، ولكن مع
ذلك أجد أن التصدي لمثل هذه الحملات الإعلامية الإسرائيلية هو من الممكنات ولكن بشيء من التخطيط لحملات مضادة وبعيدة عن منهج رد
الفعل ، مستفيدين من ثغرات الاسرائيليين التي هي أكثر من أن تُحصى ، للدخول منها
لرد الصاع صاعين وربما أكثر .
مع ما سبق ، أستطيع القول بأن مشكلة قطر ليست
في الإسرائيليين بقدر ما هي كامنة في صهاينة العرب وبعض الجوار، والإسرائيليون
يدركون هذا تماماً بدليل أن الورقة البحثية تركز على أهمية الاستعانة" بقوى الاعتدال " في المنطقة وهي معروفة
للجميع ، ويدرك القطريون بأن ضرر قوى الاعتدال تلك أكثر وأشد ، باعتبار أن ظلم ذوي
القربى أشد مضاضة من وقع الحسام المهند ..
من هنا لابد أن يكون ضمن التخطيط لمواجهة هذه
الحملات المغرضة ، التركيز على " قوى الاعتدال " كما وصفتهم الورقة
الإسرائيلية ، فإن تأمين هذا الجانب مقدم بادئ ذي بدء على الجانب الخارجي ، الذي
له أدواته ووسائله الناجعة في التعامل معه ورده ودحره أيضاً .. هذا أولاً ، ومن ثم
نبدأ بالصد والرد بشكل علمي ومنطقي ممنهج ، نبتعد فيه عن منهج ردود الأفعال
المبنية على العواطف والمشاعر، والتي غالباً تكون ذات صلاحية لفترة قصيرة جداً ..
المسألة تتطلب جهداً نوعياً مبنياً على تخطيط استراتيجي بعيد المدى ، يتم
ضمنها تشكيل فرق عمل متنوعة ، إعلامية ، قانونية، وعلاقات عامة دولية وغيرها ،
تكون رؤيتها واضحة وتسعى لتحقيق أهداف محددة وبدقة، وظني أن الاستعانة بالجهود
المحلية إلى جانب العربية والعالمية الصديقة ، أمر توجبه الضرورة ، مع أهمية التوقيت
، فالبدء من الآن وقبل فوات الأوان ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق