لو أن أحدنا كان في
مكان سيدنا آدم عليه السلام - دون تشبيه بالطبع - ومر بتجربة المنع من أكل الشجرة التي
نهاه الله سبحانه وتعالى عن الأكل منها ، ولكن ليس في ذاك الزمان بل اليوم، فماذا
كان أحدنا سيفعل؟ الإجابة بالطبع وفوراً ستكون : لا ، لن آكل منها.. ولكن دعني
أطرح عليك تجربة ثانية وأقول لك : لو وضعوك في الموقف ذاته ولكن حذروك أشد الحذر من أن تقترب من نساء جميلات موجودات بتلك
الجزيرة الجميلة ، وأن محاولة الاقتراب من أي واحدة منهن عاقبتها الطرد الفوري من
الجزيرة.. فماذا أنت صانع؟
المنع هذه المرة ليس
في مجال الأكل ولكن في مجال آخر لا يقل أهمية وضرورة، وهو مجال فطري غريزي قوي
يتمثل في الاقتراب من النساء .. وبالطبع لن تقدر فوراً على الإجابة كما الحالة
الأولى، ولن تقدر أن تقرر وتفكر في موضوع الاقتراب من النساء خشية فقدان النعمة
التي أنت عليها والطرد من الجزيرة ، فالمسألة أصبحت صعبة أكثر من المسألة الأولى
الصعبة أيضاً وهي الأكل من شجرة معينة .. فما الحل ؟
الإجابة هي أن الوقت
والظرف مختلفان.. وإن كان الأمران فيهما عامل مشترك هو النفس البشرية، التي تهوي
كما أسلفنا إلى الاقتراب من أي شيء يتم منعها منه ولو من باب الفضول كأدنى درجة.
في موقف سيدنا آدم، كانت غريزة الأكل أقوى من أي أمر آخر في ذاك الزمان، فيما
الموقف الثاني، رغبة الميل نحو الجنس الآخر هي الأقوى في زمن مثل زمننا هذا. وفي
الموقفين، النفس أقوى وأشد وتميل إلى الممنوع بأي صورة كانت.. بمعنى آخر، نحن في
حياة، أهم محاورها هي الاختبارات والامتحانات ، وإلا فلا معنى لوجودنا فيها.
الله عز وجل وضع فينا رغبات وغرائز ومنع منا
بعضاً مما تميل إليه تلك الغرائز والأهواء والرغبات، لا لشيء سوى لمعرفة من ينجح
في الاختبارات الدنيوية ويتفوق أو يرسب ، حتى تتفاوت بالتالي الدرجات الأخروية،
وفهم مثل هذه الحقائق الدنيوية أمر ضروري كي تكون الرؤية واضحة ونحن نسير في دروب
هذه الحياة المتشعبة ، التي واحدة منها فقط هي الموصلة بلا شك إلى رضا الله وما
ينتج عن ذلك الرضا من نعيم لا ينتهي .. الدرب أو الصراط المستقيم الذي ندعوه
سبحانه في اليوم عشرات المرات أن يرزقنا وإياكم السير عليه ، فهو صراط الذين أنعم
الله عليهم ويختلف تماماً عن صراط الضالين أو المغضوب عليهم ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق