أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الجمعة، 22 أبريل 2016

هل تبحث عن الأمان ؟

  
   يتحدث ابن عباس رضي الله عنهما، عن قصة السيدة هاجر مع ابنها اسماعيل عليه السلام، من بعد أن قرر خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام أن يخرج من فلسطين إلى حيث أمره الله.. حيث يقول ابن عباس :" .. ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفَّى إبراهيم منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا ؟ قال: نعم ، قالت: إذاً لا يضيعنا. 

  ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال: ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ.. ) حتى بلغ ( يشكرون ) .

  الشاهد من قصة السيدة هاجر مع نبي الله اسماعيل عليهما السلام ، أن اليقين بمعية الله هو الأساس في أي خطوة نخطوها نبتغي بها الأمن والأمان .. والله لن يضيع أحداً لجأ إليه واستعان به وسأله حاجته ومبتغاه، وهو أمر مفروغ منه لا ريب فيه، وهو دليل على صحة إيمان المرء .


   تأمّل مشهد هاجر مع زوجها ابراهيم وهي تسأله بإلحاح شديد ، وقد تركهم في صحراء مقفرة مخيفة لا ماء ولا زرع ولا إنس ولا طير، وكيف جاءها الرد الحاسم القاطع منه بأن الأمر إلهيٌ وليس من تلقاء نفسه.. فحينها وحينها فقط ، اطمأنت هاجر إلى أنهما في حفظ الله ورعايته ، حتى لو كانت في بيئة أسوأ مما هما فيها تلكم اللحظة.

   يقين هاجر كان راسخاً كجبال مكة، لم يهتز.. فاستشعار معية الله كان هو الأساس، كما أسلفنا، في حصول وانتشار الأمن والأمان بنفسها. مثلما كان الأمر نفسه مع خليل الرحمن ابراهيم وهو في النار لم يخف الاحتراق.. وصاحب الحوت، النبي يونس عليه السلام لم يخف الموت في بطن الحوت.. وكليم الله موسى والبحر ينشق أمامه ثم يخترقه، لم يخف الغرق ..

    إن غياب ذاك الشعور، إنما هو غيابٌ للأمان ، حتى لو كان أحدنا في حصن حصين تحيطه جيوش وأسلحة ومخابرات واتصالات وأقمار اصطناعية وغيرها من أسلحة ووسائل الحماية والأمن .. فهكذا حال من يكون مع الله . فكن مع الله ، يكن الله معك.. ومن يكن الله معه، فمن سيتجرأ على ايقاع أذى أو شراً به أو بها ؟ الإجابة وبكل تأكيد ، أنت أدرى الناس بها .    
        

ليست هناك تعليقات: