القبائل التي أظهرت وجاهرت بالعداوة لرسول الله صلى
الله عليه وسلم في الفترة ما بين غزوة بدر حتى جلاء اليهود من الجزيرة في معركة
خيبر، كانت لأسباب سياسية أو اقتصادية، وبرزت شخصيات كثيرة جاهرت وكشفت عداوتها
للإسلام والمسلمين، ومن الأسماء التي برزت في ذلك الزمان زعيم قبيلة غطفان، وهي
قبيلة عربية كبيرة ذات شأن، لكن مشكلتها كانت كامنة في زعيمهم عيينة بن حصن، لسبب
بسيط هو أنه كان نموذجاً للحمق، حتى أطلق عليه النبي صلى الله عليه وسلم لقب
الأحمق المطاع !
مما جاء في سيرته
وكان لافتاً للنظر، قراراته المتسرعة التي غالباً ما كانت تأتي بنتائج سلبية وغير
حميدة، لا على نفسه ولا على قومه، حيث كان مستبداً في رأيه، لا يسمع ولا يشاور
ويطيع هواه، فكانت قراراته بالتالي حمقاء، وبالضرورة تكون النتائج على قدر تلك
الحماقات.
أبرز قراراته
الحمقاء حين وقف مع يهود خيبر ويناصرهم ويعادي المسلمين، في وقت تعاظم شأن الدولة
الإسلامية ، حيث الحكمة تقتضي في تلك الظروف احترام تعاظم تلك القوة الجديدة، لكن
كيف لأحمق أن يدرك مثل تلك المتغيرات؟ وكان النبي الكريم قد فاوضه على أن يكون
محايداً في هذه المعـركة وله نصف اقتصاد خيبر، لكنه رفض رغم كل الإغراءات.
بدأت المعركة ورأى
عينية الأحمق، كيفية انهيار خيبر ولكن مع ذلك لم يتراجع عن قراره، والغريب أنه لم
يقم أحد من جيشه، وكانوا يومئذ أكثر من 4 آلاف مقاتل، بتقديم رأي آخر أو معارض،
فكانوا يتبعونه إلى أن انتهى أمر اليهود، فجاء عيينة دون استحياء إلى النبي الكريم
صلى الله عليه وسلم وطلب أن يعطيه بعض غنائم الحرب ويكف عن معاداته!! وبهذا أثبت
الأحمق المطاع أنه رمز للحمق. ومن المنطقي ألا يحصل على شيء ، بل طرده النبي
الكريم صلى الله عليه وسلم من مجلسه، ليعيش ومن معه في عالم الحمقى والمغفلين.
حين يقرأ أحدنا مثل هذه القصص، فإنه على الفور
سيتبادر إلى ذهنه نماذج عجيبة شبيهة بالأحمق المطاع، يكونون على شكل رؤساء أو
زعماء أو مديرين.. قرارات حمقاء، وتعليمات جوفاء، والناس من حولهم في شقاء وعناء..
وما أكثرهم في عالمنا العربي كدول ومجتمعات ومؤسسات ..