
سكان قطر بنهاية شهر نوفمبر الماضي وصلوا إلى أكثر من مليون
وثمانمائة ألف نسمة، وليس الرقم يخيف مقارنة بدول الجوار الخليجي أولاً أو العربي
وصولاً إلى العالمي. لكن ما يخيف هو ما جاء في رسالة جهاز الإحصاء من أن ثلاثة
أرباع السكان هم من الذكور، حيث وصلت نسبتهم إلى %74 !! ما يعني أن هناك في قطر
الآن حوالي أكثر من مليون وثلاثمائة ألف ذكر، وأقل من نصف مليون أنثى!!
سيرى المتأمل للرقم أن هناك خللاً ما في التركيبة السكانية،
وسيكون الأمر مزعجاً لكل مواطن بلا شك في ذلك، لكن بقليل من التمعن، يتضح أن نسبة
كبيرة من السكان، لا سيما الذكور، متمثلة في العمالة القادمة من الخارج لأجل
مشروعات القطاع العام والخاص الكثيرة. فقد أصبحت الدولة أشبه بورشة كبيرة في كل
الاتجاهات والمناطق، والحاجة ماسة جداً لتلك العمالة، سواء كانت عربية مسلمة أم
أجنبية. والأمر غالباً لا يطول، فسرعان ما ترجع هذه العمالة إلى بلادها، وبقاؤها
مرتبط بالمشاريع، حتى إذا ما اكتملت غادرت تلك العمالة.. فما الموضوع إذن؟

كما أسلفنا، ليس إصلاح الخلل في منع العمالة الأجنبية من
القدوم إلى البلاد، ولكن الإصلاح يبدأ من الداخل، بحيث يتم العمل وفق تخطيط
استراتيجي بعيد المدى، يهتم بزيادة عدد السكان من المواطنين، عبر التحفيز والتشجيع
على الإكثار من النسل، وصرف حوافز أو علاوات الأطفال، كما في بلدان أوروبية تسعى
جاهدة لزيادة عدد سكانها، بعد استشعار خطر الانقراض، وتشجيع الشباب من الجنسين على
الزواج المبكر، وإن كنا نختلف على معنى المبكر، لكن المقصد هو عدم التأخر كثيراً
في الزواج، وغيرها من وسائل ومحفزات يمكن لمن سيعمل على استراتيجية زيادة سكان
البلاد أن يضعها ويقترحها.
المسألة مهمة وتتعلق بمستقبل البلاد كما المنطقة، وتتعلق كذلك
بالأمن القومي، فأن يتحول المواطنون بعد عدد من السنوات قليل إلى أقلية في وطنهم،
هو أمر ليس بالذي يمكن التغاضي عنه، بل يتطلب حرصاً ودقة في التعامل معه في ظل
متغيرات وقوانين دولية كثيرة، بات المرء يخشى منها ولا يطمئن أبداً، وما سنغافورة
إلا مثال على معنى الأقلية والأغلبية ومن يستحق ماذا.. وكيف هي القوانين الدولية
في مثل هذه الحالات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق