حين نأتي على كلمة « الوثنية »
فإن الصورة الذهنية المرتبطة بها هي تماثيل وأصنام من حجر أو شجر أو غيرهما..
ونعتقد أن الوثنية كانت وانتهت بتكسير النبي الكريم للأصنام في الكعبة وما حولها
يوم فتح مكة، على اعتبار أنه صلى الله عليه وسلم كان من أهم أهداف رسالته تخليص
البشر من الأوثان وعبادتها وتقديسها أو وضع الاعتبار لها بصورة وأخرى..
لكن الوثنية ما انتهت بانتهاء اللات والعزى ومناة الثالثة
الأخرى وبقية أخواتهم من تماثيل وأصنام العرب في الجاهلية.. الوثنية استمرت وامتدت
إلى العام الذي نحن نعيشه، 1434 للهجرة، استمرت الوثنية ولكن بصور وأشكال متنوعة
متجددة، ولا مؤشر في الأفق يفيد أنها ستنتهي قريباً، بل لا أظن لها نهاية إلا
بنهاية هذه الأرض ومن عليها.
إذن الوثنية كما أفهمها، وربما يوافقني البعض أو يخالفني
البعض الآخر، ولكن دعوني أطرح فهمي أولاً، والمجال بعد ذلك متسع لمن يشاء أن يضيف
بحسب فهمه ومنطقه.. الوثنية إذن هي كل أمر يصل بنا إلى تقديسه وحبه، وها هنا
سنعتبره وثناً من الأوثان، شخصاً كان أم مالاً أم جماداً، مروراً بحزب أو جماعة أو
فكرة أو حتى كتاب، عدا القرآن العظيم المقدس.

انظر حولك الآن وتأمل قليلاً واسترجع بالذاكرة أو حتى ملاحظة
حاضرك.. ستجد كماً من الأوثان حولك، بل ربما في أعماقك أو اللاوعي الخاص بك وأنت
لا تدري، في الوقت الذي تعتبر نفسك تقياً نقياً مؤمناً!! لنتأمل هذا الحديث عن أبي
هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً.. لعن الله
قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .

قبل الإسلام، الأوثان كانت كثيرة.. هذا خضع لصنم، وآخر لشجر،
وثالث لكوكب، ورابع لملك، وهكذا حتى جاء الإسلام وحرر البشر.. كانت هناك أفكار
وآراء في عهد الصحابة، وحب فطري للمادة والدنيا، كسائر البشر، ولكن لم يكن يصل بهم
الحال إلى درجة أن تتحول تلك المحبوبات إلى أوثان تلهيهم كما يحصل أو حاصل اليوم
مع كثيرين، مسلمين وغيرهم.. فهل تبحث عن أوثانك فتحطمها قبل أن يحدث العكس؟ القرار
بيدك الآن وقبل أن يفوت الأوان..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق