ما إن نتحدث أو نسمع عن الاستثمار، فإن الصورة الذهنية الأولى التي تحتل الأذهان وبسرعة فائقة هي تلك المتمثلة في عقارات وسيولات نقدية أو أسهم ودولارات وغيرها من ذاك القبيل.. أو هكذا الحال مع الاستثمار .
لا شيء في أن تتعلق تلك الأمور بمصطلح الاستثمار، وكلنا يحبها ويحب أن يستثمر في أمواله بصورة وأخرى.. لكن لم لا نطبق المفاهيم تلك والاشتراطات اللازمة لإنجاح استثماراتنا المالية على علاقاتنا البشرية؟
الأمر قد يبدو صعباً بعض الشيء، لأن النفس تحب كل ما هو محسوس ونتائجه سريعة، يعني أننا نحب أن نرى أثر استثماراتنا متجسداً على أرض الواقع، وعلى شكل أموال وأرباح، أو أرقام تصلنا عبر كشوف البنوك، أو رسائل نصية، أو عبر البريد الإلكتروني..
قليلون هم من لهم ذاك النوع من الصبر، أو يجبرون أنفسهم على التصابر بانتظار نتائج استثماراتهم في العلاقات مع البشر. تلك العلاقات التي هي أساس نجاح بقية الاستثمارات، لكن قليلين من يدركون هذا المفهوم. ولا نلوم أحداً على ذلك باعتبار إيقاع العصر السريع لم يعد يترك المجال لقليل من الوقت للتدبر والتفكر والتريث لالتقاط الأنفاس ومن ثم مواصلة السير.
فماذا أريد أن أصل إليه؟
الناجحون في علاقاتهم الإنسانية، والقادرون على كسب المزيد من الأصدقاء وتمتين العلاقات معهم، يرددون دوماً مقولات قد يستصعبها الكثيرون.. وتدور حول أهمية الصبر في مسألة العلاقات مع الناس، بمعنى عدم استعجال النتائج في ذلك المجال، لأن البشر بالطبع ليسوا كالأسهم والعقارات والدولارات، وليسوا آلات ميكانيكية أو إلكترونية تتوقع نتائج منها بمجرد برمجتها.. الأمر يختلف تماماً وكلنا يدرك هذا.
قد تستثمر اليوم في مائة ألف ريال في مجال اقتصادي ما، وبعد أشهر قليلة قد يتضاعف الرقم، ويصل إلى ما كنت تخطط للوصول إليه أو أكثر، لكن هل بمقدورك في الفترة الزمنية ذاتها أن تستثمر علاقات مع مائة ألف شخص أو عشرة آلاف أو ألف أو مائة أو عشرة أو شخص واحد؟
قد تمضي سنة كاملة من بدايتها وحتى نهايتها لا تكون حصيلتك من العلاقات في نهاية الفترة سوى شخص أو شخصين، أو ربما لا أحد مطلقاً.. لماذا؟ هذا هو السؤال سنحاول الوقوف على إجابة له في مقال قادم إن شاء الله ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق