أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأحد، 15 يوليو 2012

لا .. ما تقوله غير صحيح !!؟


   تصور معي المشهد الآتي  :

  تكون في موقف ما وتتحدث عن حدث معين أمام عدد من الناس ، وفجأة يقاطعك احدهم ويقول لك : لا ، ليس الموضوع كما تقول ، وهذا غير صحيح ، بل اسمع ما أقوله ، فهو أصوب وأصح !! ماذا سيكون شعورك في تلك اللحظة ؟ وماذا يمكن أن يدور في ذهنك من أفكار ، بل ماذا تنوي القيام به بعدما أهانك ذاك الشخص أمام من كانوا يستمعون لك ؟

   ما حدث هو نموذج من التعامل مع أحداث الحياة اليومية ومع البشر . وما حدث يمكن أن تقع فيه أنت أيها القارئ وأيتها القارئة كذلك . إنه موقف صعب على الإنسان ، أي إنسان ، أن يتقبله ، وخصوصاً أنه موقف خال من الذوق وأدب الحوار والحديث والاستماع . ولأنه موقف يسبب الكثير من الإحراج ، فلا بد إذا أن يكون رد الفعل قاسياً من الشخص الذي وقع ضحية للإحراج ، سواء قام بإظهاره أم  كتمه في الصدر إلى وقت قريب والى فرصة سانحة لرد الاعتبار  .

لماذا نتحدث عن هذا الموقف ؟ نتحدث عنه أولاً لأنه كثير الوقوع في حياتنا اليومية ، بل بسببه تحدث الخلافات وتضيق الصدور وربما أدى إلى قطع للعلاقات أو عدم رغبة في التعامل مع من اعتادوا على مقاطعة الآخرين ، وبيان خطأ ما يقولون ، ليس لأن المعلومات التي تقال خاطئة ، بل لاعتقاد راسخ في نفوسهم أنهم على صواب دائماً ، وأن غيرهم على خطأ .  ولا أبالغ إن قلت أن هناك بالفعل أناس بيننا من يعيشون في تلك الأوهام ، ويصدقونها أيضاً . ومن المؤكد أن أي أحد منكم يعرف شخصاً أو أشخاصاً من ذاك القبيل ..

  نعود ونقول بأننا نتحدث عن هذا الموضوع ثانياً ، لنبين كم هي النفس شديدة في المواقف التي يتعرض صاحبها للإحراج ، وكم هي تظل تدافع عن موقف صاحبها مهما كان الأمر ، ليس لشيء سوى أنها لا ترغب في الانكسار والإحراج ، وخصوصاً إن كان ذلك أمام حشد من الناس .

ولهذا حاول أيها القارئ ألا تكون من ذاك الصنف . فإن واجهت أحداً يتحدث عن خبر معين أو حادث ما ، وتعرف أن الصواب قد جانبه ، فليس من داع لأن تثبت له براعتك في التصحيح أو علمك بالأصح ، بل استمع له إلى النهاية دون أن تقاطعه ، بل بدلاً من ذلك تبدأ في طرح ما عندك من معلومات وتحاول التصحيح بصورة متدرجة دون إظهاره بمظهر غير العارف أو أن معلوماته غير دقيقة ، كأن تقول مثلاً بأنك سمعت نفس الخبر ولكنك سمعت أنه كذا وكذا ،ولست متأكداً أنه صحيح..وبما أنني سمعته بشكل وأنت بشكل آخر ، فمن الأفضل أن نتأكد أكثر ..

 سيدرك صاحبك فوراً أن معلوماته غير دقيقة وسيعمل على تصحيحها فوراً ، وسيزداد إعجابه وحبه لك ، فأنت لم تحرجه أو تجرحه ، ولم تثر هرمون الأدرينالين في دمه لكي يتعنت ويستعد لمقاومتك بكل الصور   .. لذا فإن معرفة النفس الإنسانية ومعرفة خباياها وخصائصها ، مهمة جداً في نجاح العلاقات مع الآخرين ، وإن الجهل بها كثيراً ما يؤدي إلى عواقب ونتائج غير سارة ، والأمثلة في حياتنا أكثر من أن تُحصى ..     

ليست هناك تعليقات: