أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

إسلام الألمانيات


  باحثة ألمانية تدعى "ماريا إليزابيث باومان" ذكرت في كتاب لها صدر قبل سنوات قليلة بعنوان: طرق النساء المؤدية إلى الإسلام، بأن قرابة 250 إلى 300 ألمانية تعتنق الإسلام كل عام.. القصة ذاتها تتكرر في كثير من أقطار العالم، لاسيما المتقدم منه، فتجد أن الداخلين الى الإسلام، أغلبهم من طبقات مثقفة وذات وضع اجتماعي واقتصادي جيد غير بائس، الأمر الذي أثار كثيراً من الباحثين والدارسين في الغرب، وجعلهم يتتبعون الأسباب التي تؤدي بفئات مثقفة واعية لتغيير دينها أو معتقدها، والدخول في أكثر دين يواجه حملات تشويه في العالم!
  
   واحدة من الإجابات المبهرة التي طُرحت من قبل الألمانيات، وسبب دخولهن الإسلام دون سائر الأديان الأخرى المعروفة في العالم حالياً، هي أن الرغبة في تغيير نمط حياتهن من خلال بناء نظام أخلاقي جديد، أحد الأسباب الرئيسية لاعتناق الإسلام، فيما عبّرت أخريات بأن سبب التحول للإسلام هو الرغبة في هجرة رمزية، بحثاً عن انتماء مغاير بعيداً عن الوطن والعرق الألماني، والذي وجدوه واضحاً في الإسلام.
  
   هذا الأمر يذكرنا بما كان عليه الصحابي الجليل سلمان الفارسي قبل ظهور الإسلام، وقصة الهجرة والبحث عن انتماء جديد يجد نفسه فيه.. فقد كان أبوه أحد الدهاقنة في مملكة كسرى، المسؤولين على إبقاء جذوة النار متقدة في معابد المجوس، عبدة النار. وقد حرص أبوه على أن يكون ولده وارثه في هذا الأمر، وهو ما لم يعجب سلمان، الذي ظل يبحث عن عقيدة أخرى تطمئن إليه نفسه. فظل متنقلاً من مدينة إلى أخرى، ومن دين الى دين.. فتحول من المجوسية الى النصرانية ثم اليهودية، حتى سمع من أحد الرهبان بأن وقت خروج نبي آخر الزمان قد أزف، فانتظر سلمان الفارسي سنوات حتى مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، ووجد أخيراً الدين الذي بحث عنه طويلاً، فاستقرت نفسه وصار من شخصيات هذا الدين العظيم. 
   
  ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة، دفع بالآلاف للبحث عن سر هذا العداء المفتعل ضد هذا الدين. وإني لأحسبُ السحر بدأ ينقلب على الساحر، أو كاد أن يكون كذلك. ويبدو أن الأمريكان على خطى الألمان سائرون باحثون عما تطمئن إليه نفوسهم، كما كان مع سلمان وغيره كثير، وسيجدونه في الإسلام بإذن الله.. 
والله متمٌ نوره ولو كره الكافرون.    

الاثنين، 6 فبراير 2017

الشخصية الفرعونية


  كل إنسان له تركيبته الخاصة وأسلوبه المميز، وبهما تعرفه الناس وتتعامل معه. فهناك العنيد والمجادل، مثلما المثابر والمسالم وغيرهم كثير كثير، وما إن تتعرف على بعض ملامح شخصية الإنسان الذي تتعامل معه من خلال مواقف الحياة المتنوعة، حتى تبدأ ترسم أسلوباً في التعامل معه. فما ينفع مع العنيد مثلاً، لا يتوافق مطلقاً مع المسالم أو المتحفز للنجاح والظهور، وهكذا.
  أبرز النوعيات التي أزعم أن أغلبنا يتجنب الدخول معها في علاقات أو مواقف نقاش وجدال، هي الشخصية العنيدة. ولا أشك أنك تعاملت مع شخص عنيد ذات مرة، سواء كان طفلاً أم عاقلاً من الجنسين، وربما لاحظت القدر الكبير من الجهد الذي كنت تبذله أحياناً، في سبيل الوصول إلى نتيجة مقبولة للطرفين، أنت وهو أو هي، لكن كنت عادة تتراجع لأن الجهد المبذول كان دون جدوى وفائدة. هكذا هو الحال سيتكرر، إن لم تكن تعلم صفات العنيد، وتتعرف إلى طبعه وطريقته في التعامل.

 العنيد لا يرى غيره ولا يسمع إلا صوته ولا يعتقد أن هناك من يفكر سواه، أو هكذا هو غالباً. ولو أوقعتك الأقدار أن تتعامل مع عنيد في موقف حياتي ما، فأنت ها هنا ودن أدنى شك، ستكون في مواجهة صعبة تتطلب منك الكثير من سعة الصدر، ومرونة بالغة في الأخذ والعطاء، وتفهم عميق لما يمكن أن يصدر عنه من أفعال وأقوال، وما لم تكن تملك تلك المهارات والصفات قبيل المواجهة، إن صح وجاز لنا التعبير، فلا شك أنك ستدخل ما يشبه بمعركة طحن وكسر للعظام، فإما أن يكسرك أو تكسره، أو هكذا هي الأجواء غالباً عند العنيد.
عقلية العناد منشؤها الرئيسي في البيت. فربما طريقة التربية أو القدوات الأساسية هناك كانت على تلك الشاكلة من الأخلاق، فيكبر الطفل عليها. ثم تلزمه الصفة وهو خارج إلى مجتمعات المدرسة ثم الجامعة فالعمل وبقية مجتمعات حياته، وتتعاظم الصفة معه ما لم يتداركه أحد ليقوم بواجب التنبيه والعلاج، وإلا خرج فرعـوناً بصـورة ما، لا يتردد لحظة في تكـرار                                                     (ما أريكم إلا ما أرى).. وما أكثر الفراعنة حولنا لو نظرت هنا وهناك. 
                                                                      فادع الله ألا تتورط مع أحدهم !


الخميس، 19 يناير 2017

الاستخبارات والذكاء العاطفي

  في بريطانيا الآن، يتم بحث استثمار قدرات وذكاء ومهارات الفتيات المراهقات في وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيه تلك الجهود والطاقات المهدورة من الفتيات فيما يخدم أمن البلاد..
  
  يدرسون الآن مشروع استثمار تلك المهارات الشبابية في عالم الإنترنت، لتوظيفها وتجنيد الفتيات في أجهزة الأمن الخاصة بحماية البلاد من الهجمات الإلكترونية، باعتبار طبيعة الفتاة أولاً في أداء المهمات من حيث التركيز والدقة وتنفيذ المطلوب باحترافية، وهي أمور مطلوبة في العمل الأمني. ولأنه ثانياً، أصبحت إحدى أشرس حروب المستقبل التي بدأت من الآن، هي الحروب الإلكترونية والتجسس المعلوماتي عبر الانترنت.
  
 يريد المسؤولون في بريطانيا إعادة إنتاج ما عرفناه عبر الأفلام السينمائية بالعميل 007 أو "جيمس بوند James Bond " لتكون هذه المرة العميلة "جين بوند Jane Bond"، تقوم بمهام استخباراتية في عالم الانترنت أو العالم الافتراضي.   
  
   ليس هذا ما يهمني في موضوع اليوم، وإنما لفت انتباهي في مشروعهم الأمني هذا، أنهم، بحسب تصريحات مسؤولين، ما عادوا يبحثون أو يهتمون كثيراً بالكوادر الشابة التي تحمل شهادات جامعية، بقدر اهتمامهم في توفر ما نسميه اليوم " بالذكاء العاطفي" لدى الشخص أو الفتاة المطلوب تجنيدها لهكذا نوعية من الأعمال والمهام.
   
الذكاء الأكاديمي المرتبط بالشهادات، يتيح فرصة الحصول على وظيفة، ولكن هل التوظيف هدف أو غاية أي أحد؟  بالطبع ليس الجميع. لماذا؟ لأن من البدهي أن لكل موظف طموحات ورؤى بعيدة، أو هكذا يُفترض أن يكون عليه الموظف. فالذكاء الأكاديمي لا يكفي لتحقيق تلك الأهداف والرؤى البعيدة في العمل، بل المطلوب اليوم هو أن يكون صاحب ذكاء عاطفي أيضاً..
  
بعبارات أكثر وضوحاً، الذكاء العاطفي سبب مهم للترقيات في العمل. لماذا؟
لأن هذا النوع من الذكاءات يعني أن لدى الشخص مهارة رائعة في حسن التعامل مع الغير، وقدرة على ضبط المشاعر في المواقف المتنوعة. الذكاء العاطفي يعني الثقة بالنفس والتعزيز الذاتي، والمبادرة إلى العمل، والسعي نحو الإنتاج ذي الجودة العالية الراقية.. ومن هنا ندرك، لِمَ الأجهزة الأمنية البريطانية مثلاً، بدأت في مشروعها ابتداءً، بالبحث عن أصحاب الذكاءات العاطفية وتجنيدها أكثر من الذكاءات الأكاديمية.. إنهم يبحثون عن كوادر منتجة فاعلة، لا قطع أثاث مركونة خاملة..
                                                 وهذه خلاصة موضوعنا.

   

الثلاثاء، 17 يناير 2017

حياة بلا سكر

  حاول أن تتخيل حياتك بدون سكر، سواء الأبيض منه أو الأسمر.. ستجد الأمر صعباً، إن أردنا فهم حقيقة هذا الواقع الذي نعيشه. لماذا؟ لأن غالبية هذا الجيل والذي قبله، أو إن أردنا الدقة أكثر، خلال العقود الأربعة الأخيرة، لوجدنا أن هذه المادة البيضاء أو السمراء الحلوة، تخللت معظم طعامنا وشرابنا من حيث ندري أو لا ندري، ومن حيث رغبنا أم لم نرغب.
  
  التحلية قديماً كانت عبر التمر بأنواعه، أو الفواكه بأنواعها، بالإضافة الى العسل.. لكن منذ أن تطورت الصناعة، وشملت السكر، فقد تم استثمار هذا المنتج في صناعات غذائية كثيرة، إلى درجة أنك ما تشرب اليوم شراباً أو تأكل طعاماً إلا ووجدت السكر بتركيباته وأنواعه المختلفة، ضمن القيمة الغذائية للمشروب أو المأكول.
  
  حاول أن تحصر كل ما يدخل جوفك من شراب وغذاء، منذ أن تقوم من نومك وحتى ترجع إليه تارة أخرى. وحاول أن تصنف طعامك وشرابك خلال اليوم وتفرز منها الذي يحتوي على السكر من عدمه. ستجد النسبة الغالبة تحتوي على السكر، بدرجة وأخرى.. لكن أعود وأقول بأنه ليست المشكلة الآن في السكر، بقدر ما هي في الكمية التي نستهلكها. ذلك أن كل ما يشاع ويكتب ويروج عن السكر وخطورته وآثاره، ليس بسبب ذات السكر، ولكن في طريقة تعاملنا معه، وستقول: كيف؟
   
   السكر في الأصل غذاء، والجسم يحتاجه بكمية معينة، سواء كان على الشكل المنتج المعروف، بلونيه الأبيض أو البني، أو ذاك السكر الموجود في الفواكه والتمر والعسل.. ولا توجد أدلة علمية تثبت خطورة السكر كغذاء، ولكن الخطورة في الكمية المستهلكة. فالسكر كان يستخدم كدواء وعلاج منذ القدم، قبل أن يعرفه الإنسان ويحشره حشراً في صناعة الغذاء.
  
  الأمر بكل بساطة هكذا.. لا شيء أن تتناول السكر أو أي طعام وشراب يحتوي على أي نوع من السكر، ولكن بقدر.. لو أفرطت في الكمية وزدت عن الحد المطلوب، سيحول الجسم السكر الزائد لدهون، ثم تدخل في تعقيدات عالم السمنة واجهاد البنكرياس وصولاً الى الكوليسترول وتأثيراته على القلب وأجزائه، في قصة طويلة متتابعة، سببها الإفراط ليس إلا. وما ملأ ابن آدم وعاءً، شرٌ من بطنه، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

   

الأحد، 15 يناير 2017

حسبي الله ونعم الوكيل


   
  حين تنهال عليك المشكلات والهموم والمخاوف المتنوعة، تجد نفسك وبشكل تلقائي تردد من أعماق قلبك قائلاً: حسبي الله ونعم الوكيل. إنك في تلك اللحظات الحاسمة الصادقة الخالصة، تعلنها صريحة واضحة، أنك في مأزق حقيقي ولا ملجأ لك سوى الله، 
لا أحد سواه.
   
  تقول حسبي الله، أي أن الله هو الكافي وهو المانع وهو الحافظ. هو سبحانه من سيكفيك ما أهمّك وأتعبك، وسيخرجك من المأزق الذي أنت فيه، وسيهديك صراطاً مستقيماً، ويفرج عنك.. لاحظ أن كل تلك المعاني تتجمع في قولتك حسبي الله ونعم الوكيل، ومن توكل على الله في كل أعماله وخطواته، فهو حسبه. 

  لكن كثيرين في الوقت ذاته، ينسون في خضم المآزق والملمات والمشكلات، تلكم العبارات الإيمانية، بل وسرعان ما يبدأ اليأس يدب بالقلوب ويسيطر على النفوس. فتجد نفوساً تقترب نحو الانهيار، فيما أخرى تكون قد انهارت فعلاً.
  
  اليأس مشكلة كثيرين. فإن كانت البيئة المحيطة أحياناً تتحول إلى عامل تثبيط وهدم، وتساعد على الإحباط واليأس، ولا تعين على تحفيز الهمم، ولا يجد المرء عوناً ودافعاً على الاستمرار، أو استثارة للجانب الإيماني فيه، فهذا كله لا يجب أن يدعو إلى اليأس مطلقاً، بل الأصل في مثل تلك الظروف، أن ينشط الإنسان أكثر فأكثر في السير نحو الله، واللجوء إليه والتوكل عليه، وليس الفرار منه واللجوء إلى غيره، أو الركون إلى اللاشيء، بانتظار أي شيء! 
  
  حاول وقت الأزمات وعظائم المشكلات، أن تكون من يدعم نفسه ويشجعها على المضي قدماً في طريق الأنبياء والمرسلين وعظام البشر، الذين كان الإقدام وعدم الركون إلى الفشل والاستسلام، منهجهم في الحياة. فلو أن كل أولئك استسلموا، لما كان هناك دين أو فكرة جميلة أو اختراع طيب.