كل إنسان له تركيبته الخاصة وأسلوبه المميز، وبهما
تعرفه الناس وتتعامل معه. فهناك العنيد والمجادل، مثلما المثابر والمسالم وغيرهم
كثير كثير، وما إن تتعرف على بعض ملامح شخصية الإنسان الذي تتعامل معه من خلال
مواقف الحياة المتنوعة، حتى تبدأ ترسم أسلوباً في التعامل معه. فما ينفع مع العنيد
مثلاً، لا يتوافق مطلقاً مع المسالم أو المتحفز للنجاح والظهور، وهكذا.
أبرز النوعيات التي أزعم أن أغلبنا
يتجنب الدخول معها في علاقات أو مواقف نقاش وجدال، هي الشخصية العنيدة. ولا أشك
أنك تعاملت مع شخص عنيد ذات مرة، سواء كان طفلاً أم عاقلاً من الجنسين، وربما
لاحظت القدر الكبير من الجهد الذي كنت تبذله أحياناً، في سبيل الوصول إلى نتيجة
مقبولة للطرفين، أنت وهو أو هي، لكن كنت عادة تتراجع لأن الجهد المبذول كان دون
جدوى وفائدة. هكذا هو الحال سيتكرر، إن لم تكن تعلم صفات العنيد، وتتعرف إلى طبعه
وطريقته في التعامل.
العنيد لا يرى غيره ولا يسمع إلا
صوته ولا يعتقد أن هناك من يفكر سواه، أو هكذا هو غالباً. ولو أوقعتك الأقدار أن
تتعامل مع عنيد في موقف حياتي ما، فأنت ها هنا ودن أدنى شك، ستكون في مواجهة صعبة
تتطلب منك الكثير من سعة الصدر، ومرونة بالغة في الأخذ والعطاء، وتفهم عميق لما
يمكن أن يصدر عنه من أفعال وأقوال، وما لم تكن تملك تلك المهارات والصفات قبيل
المواجهة، إن صح وجاز لنا التعبير، فلا شك أنك ستدخل ما يشبه بمعركة طحن وكسر
للعظام، فإما أن يكسرك أو تكسره، أو هكذا هي الأجواء غالباً عند العنيد.
عقلية العناد منشؤها الرئيسي في
البيت. فربما طريقة التربية أو القدوات الأساسية هناك كانت على تلك الشاكلة من
الأخلاق، فيكبر الطفل عليها. ثم تلزمه الصفة وهو خارج إلى مجتمعات المدرسة ثم
الجامعة فالعمل وبقية مجتمعات حياته، وتتعاظم الصفة معه ما لم يتداركه أحد ليقوم
بواجب التنبيه والعلاج، وإلا خرج فرعـوناً بصـورة ما، لا يتردد لحظة في تكـرار (ما
أريكم إلا ما أرى).. وما أكثر الفراعنة حولنا لو نظرت هنا
وهناك.
فادع الله ألا تتورط مع أحدهم !
فادع الله ألا تتورط مع أحدهم !