العالم انشغل يوم الثامن والتاسع من نوفمبر لعام 2016 ميلادية، بانتخابات أقوى إمبراطورية ظهرت على الأرض في التاريخ البشري. الإمبراطورية الأمريكية، والانتخابات الرئاسية فيها ، والتي عادة تُشغل بال واهتمام العالم كله. هذه الانتخابات شغلت العالم كله. والنتيجة النهائية سارت، ربما عكس ما تمناه كثيرون، وفاز دونالد ترامب.. الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة. الرئيس الذي أثار الكثير من الجدل وهو في طريقه للرئاسة، والذي من المتوقع أن يثير جدالات أكثر فأكثر بعد دخوله البيت الأبيض.
فاز هذا الجمهوري بعد شد وجذب مع مرشحة الديمقراطيين، هيلاري كلينتون، التي كانت تمنّي النفس بدخول التاريخ على صورة أول إمرأة في تاريخ الولايات المتحدة، تعتلي عرش البلاد، لتكون أول رئيس لأقوى إمبراطورية أرضية اليوم، إلا أن الأمنية تبخرت سريعاً ومنذ بدايات يوم الانتخاب.
فاز إذن ترامب بعد حملة مثيرة تخللتها تصريحات نارية له، وأخريات لا تليق أبداً بمرشح يتطلع إلى اعتلاء أهم كرسي رئاسة في العالم، وتصريحات أخرى كثيرة.
لا يهمنا في هذا الموقف، إن فاز ترامب أو لو كانت الفائزة هيلاري، فكلاهما في دولة لا يتحكم فيها الفرد الواحد أو الزعيم الخالد. إنما هي دولة مؤسسات تديرها قوى مختلفة ذات مصالح ومكاسب، ومن يصل لرئاسة هذه الدولة، عليه أن يستمر في الحفاظ على مكاسب ومصالح البلاد العليا الاستراتيجية أولاً، ومن ثم مصالح القوى المختلفة المهيمنة على سياسات البلاد، رغم الصلاحيات الواسعة التي أعطاها الدستور الأمريكي للرئيس.
على ذلك، سيبدأ ترامب مدته الرئاسية، وسيبدأ بالعمل لتحقيق مصالح بلده، وسيبذل جهده على الصعيد الداخلي والخارجي، وستعود في الوقت ذاته، الحياة إلى طبيعتها في الولايات المتحدة، ويعود الناس الى أعمالهم وحياتهم اليومية الروتينية، وستعمل المؤسسات وكأن كل ما كان من ضجيج في الأيام الماضية، حلماً وانتهى. هذه هي ميزة دولة المؤسسات. استقرار واستمرار للحياة، وإن ضاقت عليهم أحياناً.
لن تتأثر الدولة بشكل عام، ولن تتغير السياسات الاستراتيجية، ولن تظهر دعوات لتغيير الدستور، ولن يعيش المعارضون لترامب في خوف وقلق من اعتقالات وسجون ومطاردة. لن تنهار مؤسسات البلاد الاقتصادية وغيرها، ولن تنهار العملة، ولن يسحب الشعب أمواله من البنوك وإرسالها للخارج، ولن يتأثر الجيش بما يحصل في عالم السياسيين بالبلد، ولن يفكر في الانقلاب بالتعاون مع المعارضة، ولن ولن ولن .. ولك في النهاية أن تقارن هذه الانتخابات ببعض ما يجري في العالم الثالث النامي أو النايم، لتعرف ما يحدث حين يتغير الزعيم لأي سبب، ولتعرف كذلك سر اهتمام شعوب هذه البلدان بمثل هذه الأحداث في العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق