تحدثنا من ذي قبل عن مرض قلبي لو تمكن من القلب
لأفقده وأضعفه، وحوّل صاحبه إلى كتلة مادية متحركة بلا روح.. إنه دون شك مرض اليأس
وفقدان الأمل، الذي يصيب المرء من بعض حوادث ووقائع يواجهها ولا يحالفه النجاح
والتوفيق، فيفقد بسببها كثيراً من حماسته، فيبدأ اليأس على الفور بالعمل ويحتل موقعاً
في القلب ينخر فيه كما السوس يفعل في الأسنان.
دوماً لنا
في رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، النموذج الجميل والقدوة الصالحة في هذا
الموضوع، فهو صلى الله عليه وسلم لم ييأس من دعوة الناس إلى الإسلام،
برغم كل ما واجهه من علية القوم في مكة، من السباب والأذى له ولأصحابه الكرام،
فكان صلى الله عليه وسلم يذهب إلى قبيلة هنا وقبيلة هناك، فلعله يجد
آذاناً تصغى، وعقولاً تعي، لكنه لم يجد سوى آذان صم، وقلوب غلف.. فهل أصابه اليأس؟
بالطبع لم ييأس، فكان ما كان من أمر الهجرة إلى المدينة، فربما عامل الجغرافيا
يكون أحد أسباب عدم التوفيق، وتغييره قد يساعد على تغيير الأوضاع فكان ما توقعه
"صلى الله عليه وسلم".
اليأس
مشكلة الكثير منا، حيث يتورط أحدنا فيها منذ المحاولات الأولى الفاشلة في أي عمل،
فتجدنا وقد استسلمنا له، وقد يساعد على ذاك الاستسلام لليأس، ما تقوم به البيئة
المحيطة أحياناً كثيرة من بث روح الإحباط واليأس، فلا تجد في ظرفك البائس ذاك
عوناً ومعيناً وباعثاً على الاستمرار، بل قد تبدأ سهام الشماتة تنهال عليك من كل
حدب وصوب في خطوة غير مفهومة أحياناً!
من هنا
ومن باب الذكرى التي تنفع المؤمنين، ليحاول المرء منا مطالعة سير الأنبياء أولاً
ومن ثم الناجحون عبر التاريخ، والمضي قدما في الحياة والاقتداء بهم.. لا يأس ولا
ركون إلى إيحاءات النفس السلبية الداعية أحياناً إلى الركون والاستسلام، ولا سماع
للقيل والقال من هذا وذاك من السلبيين، بل خالط الإيجابيين من الأصحاب والمعارف،
فهم عونك بعد الله في تحقيق ما تصبو إليه، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق