القوي عادة يكون صاحب
كلمة ورأي، سواء أكان القوي على شكل إنسان أم دولة أم حضارة. هكذا منطق الأشياء
عند البشر، والتاريخ البشري زاخر بالكثير من الأمثلة الدالة على ذلك، وخذ مثالًا
على ذلك الحضارة الرومانية في فترة تاريخية ما، ومن ثم الفارسية وبعدها اليونانية،
وكيف كانت لكل حضارة قيمها ورؤاها للأشياء، وهكذا.
القوة
والسيطرة عادة تؤدي بك إلى ما يمكن تسميته بازدواجية المعايير.. قد ترى أمراً هنا
فتقول رأيك فيه، وترى الأمر نفسه في موقع آخر ولكن رأيك لن يكون كما كان، بل يتغير
بحسب ما تقتضيه مصلحتك.
العالم
الغربي اليوم، كأوضح الأمثلة، يعطيك شرحاً عملياً لمعنى ازدواجية المعايير في
مواقفه الدولية المتنوعة، وليس هذا بالأمر الغريب أو المستهجن من قبل الغرب، الذي
لا ينكر هو بنفسه أنه بنى حضارته على أسس مادية بحتة، ويبحث عن مصلحته ويدافع عنها
بكل ما لديه من قوة وعتاد من تلك التي يبنيها لسنوات طوال لمثل هذه الأوقات.
الغرب
يتحرك بمنطق القوي في العالم. هذا المنطق يدفعه للتحرك وفق مقتضيات محددة عنده، لا
يهمه أنها تتوافق مع غيره، حتى ولو على سبيل الافتراض أن العالم كله يعمل معًا ضمن
منظومة الأمم المتحدة.. الواقع العملي يختلف تماماً عن النظري والافتراضي.. الغرب
يتحرك بناء على مصلحته وليس مصلحة آخرين. قوته تسمح له باتخاذ القرار بل وتنفيذه
باقتدار أيضاً.
الحضارة
الغربية هي التي تقود العالم اليوم ومنذ عدة قرون وربما تستمر لفترة مماثلة، ومن
يتسلم دفة القيادة تكون عادة قد توفرت له أسباب القيادة، إلى أن يفقدها جميعاً سبباً سبباً، لتؤول
القيادة إلى حضارة أخرى، من أجل أن تقود العالم وفق قيمها ورؤاها.. فهكذا هي حركة التاريخ
أو سنّة الحياة كما قال الله تعالى في محكم التنزيل " وتلك الأيام نداولها بين
الناس ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق