ما يجري في غزة ليس بالجديد ، فإنما هو
سيناريو متكرر بعد كل عدد من السنين ، تطول الفترة أحياناً ، وأحياناً أخرى تقصر حتى تكاد أن تكون الحرب
سنوية .. وعلى الرغم من ذلك كله ، تجدنا نتعامل مع كل سيناريو وكأنه يقع لأول مرة
، وكأنما الذاكرة العربية مساحتها لا تتجاوز واحد ميغا بلغة الأرقام الحاسوبية !
منذ
أن ظهرت حماس على الأرض وصارت واقعاً عام 87 ، لم تستطع جبروت ووحشية
الدولة الصهيونية من محوها واقتلاع جذورها كما يقول قادتهم عند بداية كل حرب .
الأمر لم يعد كما يشتهون ، بل العكس هو الحاصل .
استوعب قادة حماس أن لغة القوة هي اللغة الوحيدة التي يجيدها تماماً قادة
الدولة الصهيونية ، بل ربما أكثر من العبرية أو الإنجليزية أو لغات الحاسب أو حتى
الإشارة !! ولعل الفهم العميق عند قادة
حماس لهذا الأمر وهم يتعاملون مع جنس من البشر ، جاء من قدوتهم وقدوة كل مسلم ،
سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم ، حين تعامل مع يهود المدينة باللغة التي
يفهمونها ، لغة القوة ، من بعد أن وصل أذاهم للإسلام والمسلمين درجة غير مقبولة .
ما
يجري اليوم في غزة ، رغم التفاوت المادي في العدد والعتاد بين حماس والعدو
الصهيوني ، إنما هو جزء من صراع مفهوم ومستمر ، أو إن صح التعبير ، صراع بين الحق
والباطل ، الذي لن ينتهي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
المسألة واضحة جداً ولا تحتاج لكثير شروحات وتفاصيل .. هناك احتلال قائم وشعب
يقاوم. هذه كل القصة دون مساحيق مادية أو إعلامية ، ودون تزوير في حقائق التاريخ
أو الجغرافيا. ولولا الوهن الذي عليه الأمة اليوم ، ما وجدت للصهاينة أثر على أرض
فلسطين .
لكن يحدث هذا كله لأن حماس يمكن اعتبارها الجذوة المتقدة الباقية ، التي
يمكن أن تنير وتشعل محركات الدفع والقوة في الأمة في أي وقت .. ولهذا يتكاتف الشرق
والغرب على أطفاء هذه الجذوة أو الشعلة ، مهما كان حجمها ، يخيفهم جداً ما حدث
خلال الأعوام الثلاثة الماضية من ثورات هنا وهناك ، بغض النظر عن مآلاتها ونتائجها
، ولكنها دون شك مهدت أرضية مناسبة لعودة أمة العرب مرة أخرى .. عودة ، قد تكون ، أو ربما هي فعلاً ، مقلقة جداً للشرق
القريب قبل الغرب البعيد .. ولهذا يحدث ما يحدث لغزة الآن ..
فهل اتضحت الصورة ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق