اليأس عدو خطير وخفي للإنسان،
يهدم أكثر مما يبني. لا تيأس أبداً، ولا تدع ثغرة يمكن أن ينفذ منها اليأس إلى
نفسك، بل حاول المرة تلو الأخرى في تحقيق ما تصبو إليه.. هذه خاتمة موضوع اليوم،
ولكن نقولها من البداية، ولكن لا يمنع أن تقرأ تفاصيل الموضوع إن شئت.
نوح عليه السلام أبرز مثال بشري على عدم اليأس، وأهمية بذل كل
الأسباب الممكنة لتحقيق الهدف النبيل.. فقد جلس نوح عليه السلام يدعـو قومه أكثر
من تسعة قرون.. وليس تسعة أيام أو أعوام، ومع ذلك لم يؤمن بدعوته أكثر من خمسة عشر
إنساناً طوال تلك الفترة الطويلة!
أما رسولنا الكريم عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام،
فهو نموذج آخر جميل في هذا الموضوع، فهو صلى الله عليه وسلم لم ييأس من دعوة الناس
إلى الإسلام، بعد أن واجهه صناديد وجهابذة القوم في مكة بالعند والسباب والأذى،
ولم ييأس وذهب إلى قبيلة هنا وقبيلة هناك، فلعله يجد آذاناً تصغي، وعقولاً تعي،
لكنه لم يجد سوى آذاناً صمّا، وقلوباً غلفا.. فهل أصابه اليأس؟ بالطبع لم ييأس،
فكان ما كان من أمر الهجرة إلى المدينة، ورزقه الله العون والنصر من بعد تغيير
الموقع، وكان على يد الأنصار الكرام.
اليأس، لا شك أنه مشكلة كثيرين منا، نتورط معها منذ المحاولات
الأولى في أي عمل، وللأسف أن البيئة المحيطة أحياناً كثيرة تساعد على بث روح
الإحباط واليأس، حين لا تجد عوناً ومعيناً وباعثاً على الاستمرار، فما أن تفشل في
عمل ما، حتى يبدأ يشمت الشامتون، وترتفع أصوات المنافسين الغيورين حتى تكاد تصل إلى
أن تكره نفسك، وتكره ما أنت تقوم به أو ما تريد انجازه.
إعادة لخلاصة الموضوع أقول: حاول أن تكون أنت من تدعم نفسك
وتصر على المضي قدماً في طريق الأنبياء والمرسلين والعظام من البشر.. لا تيأس ولا
تركن إلى ايحاءات النفس السلبية أحياناً والداعية إلى الركون والاستسلام في مدرسة
الحياة، فلو أن كل الناجحين استسلموا، لما كان هناك دين أو فكرة جميلة أو اختراع
صالح للبلاد والعباد.. " ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا
القوم الكافرون ".