الوسوسة .. الوسواس الخنّاس، الذي يوسوس في صدور الناس.. القلق، التوتر ، قرحة المعدة ، قضم الأظافر.. كلها مؤشرات تدل على أمر سلبي بالغ التأثير على النفس .. إن كثيرين لا يدركون أن مشاكلهم في العمل مثلاً أو لنقل تحديداً ، والتي بسببها يتعرضون لانتقادات من مسئوليهم أو إنذارات ولفت نظر وغيرها من إجراءات سلبية ، لا يدركون أن سببها هو نفوسهم المتذبذبة ، والتي بسببها صاروا يعيشون بشخصيتين مختلفتين في آن واحد ! شخصية طبيعية هي التي يعرفها الناس عنهم أوهي الظاهرة ، وشخصية أخرى خافية ، وهي السبب الرئيس فيما يحدث لأحدهم من مشكلات.. ولنتعمق بعض الشيء في الموضوع.
الوسوسة سبب رئيس في تحويل الإنسان إلى شخصين مختلفين ، كل شخص يؤثر على الآخر في نفس الوقت حتى تكون المحصلة النهائية في هذا التجاذب والتأثير ، شخصية سلبية مترددة .. ولينظر أي شخص منا حوله ، سيجد بكل تأكيد شخصاً تكون حركاته فيها تردد عجيب ، وحركات عيونه غير طبيعية ، وكلامه يتغير بسرعة شديدة ، فلا تكاد تعرف له استقراراً على رأي ، فهو متردد متذبذب ، لا يدري ماذا يريد وماذا يعمل . إن قرر القيام بعمل ما ، تراه بعد دقائق معدودة وقد تحول عنه ، ثم بعدها بقليل يرجع ليقوم بالعمل كما قرر في المرة الأولى .. وهكذا في أغلب حالاته.
التردد أو الوسوسة داء إذا أصاب شخص ، حولته إلى إنسان غير واثق الخطى ولا يمكن الاعتماد عليه ، بل ويوصف بالسلبية وعدم الإنتاجية ، وبالتالي تكون النتيجة النهائية عدم صلاحية هذا الإنسان لشغل موقع ما أو القيام بعمل محدد بمفرده دون أن يكون تحت إشراف أو وصاية. وهذا يعني بمفهوم إداري آخر ، أنه لا ترقيات ولا حوافز ولا مكافآت لأمثال أولئك المترددين المتذبذبين. وهذا بدوره سيؤدي إلى تعميق الجرح في نفوسهم دون شك ..
لكن ما يعنيني الآن هو أنت :
- هل أنت من أولئك المتذبذبين المترددين في حياتك ؟
- هل تقوم بقضم أظافرك دون أن تدري وتشعر ما أنت فاعله ؟
- هل تشعر بحرج بالغ حين ترى أناس لا تعرفهم جمعتك الظروف معهم لأمر ما في موقع ما ؟
- هل أنت من النوع الذي يثور لأتفه الأسباب ؟
- هل تتردد حين الأكل في مسألة اختيار الطعام ؟
- هل ترفض نوعا أو أنواعا معينة من الطعام لسبب أو آخر دون أن تدري لماذا ترفضه ؟
- هل تصاب بالصداع بشكل دائم ؟
- هل تؤثر فيك الانتقادات سواء في بيئة المنزل أم العمل أم في أي محيط مع الأهل والأصدقاء؟
أرجو ألا تكون غالبية إجاباتك بنعم ، لأنك إن فعلت ذلك وأجبت بنعم ، فأخشى أنك في وضع حرج دون شك ، بل اسمح لي أن أقول لك بأنك إنسان متردد .. لقد ارتضيت أن تقع ضحية للوساوس والأوهام التي تجعلك تسهو ولا تعرف للتركيز معنى . بل أخشى أيضاً أن تكون بحاجة للوقوف مع نفسك طويلا ومحاسبتها على عدم الاستقرار الذي أنت تعيشه ومستمر عليه.
* الأمر يبدو عسيراً على من ابتلاه الله بالوسوسة ، ولكن ليس العلاج بالأمر المستحيل ، فإن مع قليل من الصبر وكثير من التدريب ، يمكن تحسين الحالة إلى الأفضل ..
الإنسان المتردد يحتاج إلى :
- بعض الثقة في النفس وبعض الاتزان .
- البعد عن المترددين الخائفين .
- مخالطة أقوياء النفوس الواثقين .
- بث روح التفاؤل في النفس
عبر مخالطة المتفائلين .
إن هذه الدنيا لا تستأهل كل هذا الهم وكل هذا التردد والوسوسة. إنها أيام وتنقضي ، فإن لم تعشها بروح متفائلة واثقة فأنت الخاسر نهاية الأمر ليس غيرك .. هذا مصيرٌ أنت بيدك تقرره ، فإما لك أو عليك . فانظر ماذا ترى ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق