كلنا مر وما زال يمر، بل وسيمر دون شك بحالة نفسية معينة هي التي نقول عنها أو نصفها بالمزاج المعتدل أو المتكدر وغيرها من أوصاف، طالما أن أحدنا يتنفس هواء هذه الدنيا، وهو بالإضافة إلى أنه يمر بالحالة المزاجية هذه، فإنه سيمر بتجارب شبيهة مع أناس في أوقات تكدر أمزجتهم، سواء كانوا من الأهل والأقارب أو الأصدقاء والزملاء في العمل وغيره، وسيرى كيف ينقلب أحدهم أثناء تكدر المزاج، وكيف تكون تصرفاتهم وعلاقاتهم مع الآخرين، مثلما يكون المرء منا كذلك أثناء مروره بالحالة ذاتها.
لقد تبين أن كثيراً من المشكلات والاختناقات والأزمات بين الناس تقع بسبب تغير الأمزجة، بمعنى أنها لو كانت طبيعية وهادئة لم تكن لتحدث في أغلب الحالات. ومن هذا المنطلق، علينا ونحن نتعامل مع الغير في حياتنا اليومية، أن نراعي أمزجة الآخرين، فلا نكون من عوامل استمرار التكدر في أمزجتهم، بل العكس من ذلك، وهو أن نكون عوناً لهم من أجل التخلص الهادئ التدريجي من المزاج المتكدر، عبر اللطافة والحنان والرقة في التعامل، حذرين في الألفاظ والكلمات، لا نحمّلهم أعباءً أو هموماً فوق ما هم عليه في حالتهم تلك.
إننا بتلك الطريقة نبقي على صلاتنا قوية بهم، ونجنبهم الدخول في مواقف الاعتذار والإحراج، التي قد يدخلونها لو أننا لم نتفهم كيفية التعامل معهم أثناء تكدر أمزجتهم، كأن يتطاول أحدهم علينا بلفظ أو فعل، ثم تراه وقد ندم أشد الندم على ذلك، فيأتيك محرجا يطلب المعذرة؛ لأن ذاك الفعل صدر منه بسبب مزاجه المتعكر حينها.
ومن المهم كذلك، إن دخلنا في حالة المزاج المتكدر، الحرص قدر المستطاع على عدم اتخاذ قرارات أو القيام بأعمال تتطلب صفاء الذهن، فإن أي قرارات أو خطوات تتخذ في تلك الأثناء سيندم المرء عليها بدرجة وأخرى بعد أن تهدأ الأمور وتعود إلى طبيعتها؛ لأن تلك القرارات تكون غير مكتملة بسبب التسرع، وبالتالي عدم التوفيق في النتائج النهائية.
هكذا هو الإنسان.. مجموعة من الكيميائيات والمزاجيات المتقلبة. ولأنه كذلك، تراه غير مستقر، لا في قراراته ولا عواطفه أو حتى تفكيره.. وهذه حقيقة لا بد أن نتنبه لها في مدرسة الحياة هذه، وما أعظمها من مدرسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق