في الأمثال أن من يعاند في عض الحصى لا ينجح سوى في كسر أسنانه.. وقالوا أيضا بأن العناد وحدّة الرأي والإصرار عليه هما أشد وأوضح الأدلة على الحماقة.
من المؤكد أن أحدكم صادف في حياته ولو مرة واحدة إنسانا عنيدا منغلق العقل، ورأى كم من الوقت قد تم إهداره في سبيل إقناعه بأمر أو موضوع معين دون فائدة. حيث يتحجر هذا العنيد ويتصلب في رأيه، ولا يقبل رأيا آخر أو وجهة نظر أخرى، ليس لشيء سوى أن زعمه أو اعتقاده غير قابل للتشكيك وأن ما يراه هو الأنسب والأصلح، وغير ذلك فلا!
لا بد أن أحدكم الآن وهو يقرأ هذه الكلمات، بدأ يتذكر نموذجا مر عليه ذات مرة في وقت من أوقات حياته، أو نموذجا آخر يمر عليه يوميا ويعاني منه الكثير، سواء في بيته أو مقر عمله أو أي موقع آخر.
ومن المؤكد أن أمثال هؤلاء العنيدين - وخاصة إن كانوا في مواقع المسؤولية والقيادة - وبسبب ما يتميزون به من عناد وخصوصا في الرأي، قد أصبحوا وحيدين منعزلين لا يخالطهم أحد، سوى بعض المنتفعين والمرتزقة الذين يزينون لهم ذلك العناد، وأنه من الحكمة والرأي النفيس الذي لا يقدر أحد فهمه أو الوصول إليه بسهولة ويسر إلا بعد عناء ومشقة وطول تفكير فيه !!
ولأن النفس البشرية حين تمرض وتصاب بأدواء الغرور، تطلب أي تقدير لذاتها ولو كان مزيفا كاذبا، فإن تلك التقديرات التي تأتي على شكل آراء مزيفة كاذبة، تشبع غرور تلك النفس المريضة، لكنها تصب في الوقت نفسه في بوتقة العناد التي تتضخم عندها في كل حين، لتصل نهاية الأمر إلى حجم غير طبيعي وبالتالي إلى الانفجار. حينها سيدرك العنيدون كم كانوا مخدوعين وكم هي خسائرهم.
اليونانيون القدماء كانوا يرون أن المغرور والعنيد لا فرق بينهما، وأن الغرور والعناد لا يكون سوى في التوافه من الأمور التي لا تستحق مجرد النظر إليها من الأسوياء.. لكن عند العنيدين المعاني والرؤى تختلف.
ليلتفت أي منكم حوله الآن وخصوصا في موقع العمل، ولينظر يمنة ويسرة، سيجد بالتأكيد مسؤولاً عنيدا هنا أو آخر مغرورا، وسيجد حوله قلة قليلة تسبح بحمده.. فهل وجدته؟
بالتأكيد نعم ..
إذن كان الله في عونك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق