في حلقتين ماضيات ، واصلنا حديثنا حول قصة المسيخ الدجال واستخلاص حقائق حياتية مهمة منها، وقلنا إن الصحابة على سبيل المثال عرفوا حقيقة حياتية مهمة بجانب الإيمان القوي، والممثلة في استحالة بقاء الأمور كما هي خالدة مخلدة، بل إن سنة التغيير ستكون فاعلة إلى ما شاء الله أن تكون، فلم يكن ليستغربوا من حدوث تطورات مستقبلية لأي أمر في هذه الحياة الدنيا، لأن بقاء الحال من المحال، ولأنهم فهموا تلك الحقيقة عاشوا حياتهم في سعادة وهناء.
نكمل اليوم حديثنا ونتطرق إلى قصة المسيخ الدجال وكيف ستكون أيامه، وهل يمكننا تصديق ما سيحدث يومها حيث البشر في حياة بدائية كما كانوا قبل أكثر من ألف عام، يستخدمون الخيول والسيوف والرماح في معاركهم، في حين نعيش حاضراً معروفاً بالتقنية والاتصال والأسلحة الذكية وغيرها من تطورات لم يشهد التاريخ لها مثيلا؟
الإيمان وحده فقط هو المنقذ لنا من عدم التصديق والدخول في متاهات التشكيك وتكذيب الأحاديث والدخول إلى عالم من التيه والضلال وبالتالي الكفر والعياذ بالله؛ إذ يصعب على العقل أن يتصور تحول أُناس يعيشون عالم الإنترنت والفضائيات والصواريخ بعيدة المدى والغواصات والقنابل النووية وحاملات الطائرات والاتصالات، إلى أناس يركبون الخيول والجمال ويقاتلون بالسيوف والرماح والنبل وإن تطوروا قليلاً سيستخدمون المنجنيق والسفن الشراعية.
لا يمنع أبداً أن تتغير الأمور ليعود البشر ألف عام إلى الوراء لأي سبب من الأسباب، ويصدق العقل هذا إن هضم حقيقة الخلود.. ولهذا نقول إن الإيمان وحده هو المنقذ، لماذا؟ لأنه بالإيمان نقدر على فهم حقيقة الخلود التي لن تكون بكل تأكيد لهذه الدنيا ولا لأي شيء فيها، وأن دوام الحال من المحال، وأن الكل إلى زوال وأن التغيير يصيب كل شيء، بدءاً بالبشر ومروراً بالجمادات والحيوانات والنباتات وانتهاء بالسموات والأرض..
حقيقة حياتية لا نكل ولا نتعب من ترديدها وتذكير القراء بها، لأن فهمها بشكل سليم يعين المرء منا على أن يعيش حياة هادئة هانئة مطمئنة، لا يحزن على ما فات، ولا يحمل هم ما هو آت، بل يعيش لحظات حاضره كما ينبغي، لا يحزن ولا يحمل هماً ولا غماً ولا يحمل في نفسه حقداً أو حسداً أو كراهية أو ضغينة لأحد.. بل يعمل على أن يصل إلى بر الأمان قدر المستطاع، حيث سيرى الخلود متجسداً أمامه في حياة أخرى هي دون شك، مختلفة لا يمكن وصفها، وإن كان التصديق بها أمرا ممكنا لا شك فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق