أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 10 فبراير 2016

الشدة النافعة ..


  كثيراً ما أوصى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم بالرفق واللين في تعاملاتنا البشرية ، وتعاملاتنا مع بقية الأحياء ، فالرفق كما روت عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها " لا يكون في شيء إلا زانهُ ، ولا يُنزع من شيءٍ إلا شانهُ "..

  لكن تدفعك بعض المواقف الحياتية إلى أن تتوقف برهة وتغير من هذا النهج الوديع في التعامل ، وتكون مضطراً لاتخاذ حزم وشدة في التعامل، وهو ما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتعمق في اللين والرفق والوداعة مع مشركي قريش، ومسايرتهم ومناقشتهم بهدوء ورقي رغبة في هدايتهم ..

   رغم أن القرآن أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم باللين وحسن التعامل مع الناس :" ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" ، إلا أن تطرف مشركي قريش في طلباتهم غير المنطقية من رسول الرحمة والإنسانية عليه الصلاة والسلام ، وصولاً إلى تلك الجرأة في عرض صفقة صفيقة وقحة عليه صلى الله عليه وسلم، أن يعبدوا الله عاماً ، ويعبد محمد وأصحابه آلهة قريش عاماً آخر !! تلك الجرأة جعلته صلى الله عليه وسلم يتوقف عن اللين والرحمة للحظات ويستعيذ بالله من ذلك الطلب وذاك الشرك .


   الحزم كان جوابه صلى الله عليه وسلم .. كان حازماً في التعامل ورفض الطلب تماماً ، دون أي مناقشة ، ونزل القرآن على الفور مسانداً وكان أشد حزماً في التعامل :" قل يا أيها الكافرون لا أعبدُ ما تعبدون .. إلى آخر السورة .. فقام الرسول صلى الله عليه وسلم على الفور وذهب يقرأ الآيات على مشركي قريش ، ليقطع أي أمل قد يبنون عليه أحلامهم في مناقشة طلبهم الصفيق ذاك ، فيئسوا من اقناعه صلى الله عليه وسلم ، واستمر الصدام والجدال إلى حين كما في مشاهد السيرة  العطرة ..

  من ذلك نتعلم أهمية الحزم والشدة في التعامل مع قضايا مفصلية في الحياة ، سواء تلك المتعلقة بالحياة الشخصية أم تلك من ذات الارتباط بمصالح الأمة كلها ، والقصد من تلك الشدة هو الضبط والتقويم والفصل بين الأمور ، ثم يعود اللين والرفق تارة أخرى .. وهكذا سنن التعامل في الحياة .
     
          


ليست هناك تعليقات: