أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

السبت، 22 يناير 2011

لا يفهم الناس ما تفهم ..


  من المؤكد أنك يوماً استشاط بك غضب على أحد أبنائك وأنت تقوم بتعليمه أساسيات الرياضيات كعملية الجمع أو الطرح.. فقلت لنفسك: ما هذا الغباء الذي عليه هذا الولد؟ لا يريد أن يفهم أبسط عمليات الجمع.. كيف لا يعرف أن يجمع عددين أو أن يطرح عدداً من آخر؟!

    بالطبع لا يقدر لأسباب عديدة..أولها أنك لم تراع مسألة الخبرة التراكمية التي لا بد منها في مادة مثل الرياضيات وغيرها من مواد أو خبرات الحياة الأخرى..لقد نسيت كيف كنت وأنت في عمره في مادة الرياضيات، ونسيت أنك في البدء عانيت بعض الشيء، ثم مع الخبرة والتدريب وصلت إلى مستوى معين من الفهم استطعت بعده أن تخطو خطواتك.

   ثانياً لم تراع وأنت تعلّم ولدك مبادئ الجمع في الرياضيات مثلاً وأنت تعرف ألف باء العملية، فيما هو لم يعرف سوى الألف فقط، ويحتاج إلى الباء ليستمر.. بمعنى أنه لم يستوعب بعد ماهية العملية وماذا يعني الجمع؟ ولماذا نجمع عددين أصلاً؟ وما الفائدة من الجمع؟ وإلى آخر قائمة الأسئلة التي لو كانت غامضة عليه ولم يجد إجابات عليها، فستظل العملية عسيرة عليه ولن يفهمها بالسهولة التي تريدها.


   هذا نموذج لما قد يحدث مع كثيرين منا في الحياة، إذ تجد أنك في حالات عديدة وفي مواقف حياتية متنوعة لا يفهمك البعض ولا تجدهم يتفاعلون مع ما أنت تتحدث عنه أو فيه. وتجد تبعاً لذلك نوعاً من عدم الارتياح يسري بداخلك تجاههم، وربما يصل بك الحال إلى اتهامهم بعدم الفهم أو عدم تقدير لما أنت عليه من حديث أو فكر، فتقرر إما رفع وتيرة التعامل معهم أو تهدئة الأمور تمهيداً لمغادرة الموقف بسلام.

   لماذا لم يفهمك أولئك البشر؟ ولماذا وصلت بك الأمور إلى درجة الرغبة في اتهامهم بعدم التقدير وقبل ذلك بعدم الفهم؟ إنه كما أسلفنا قبل قليل، تفاوت الأفهام بين البشر.

   أنت قد تعتقد في حديثك أنه سهل الاستيعاب والفهم، لكن ما يدريك أنه كذلك عند الآخرين؟ لماذا تتوقع أن يكون الناس كذلك أو أنهم على نفس درجة الفهم أو التفكير التي أنت عليها؟ لماذا لم تسأل نفسك غير ذلك؟ أو لماذا لم تتفكر أنك مختلف عن الآخرين في هذا الأمر حتى تستريح وتريح؟

   إنَّ فهمنا لهذه الجزئية المهمة في فكر التعامل مع الآخرين، والتي تغيب عن الأذهان كثيراً في خضم أحداث وتفاعلات الحياة اليومية مع بعضنا البعض، تساعدنا كثيراً في منع العديد من مشكلاتنا مع الغير والتي سببها كما أسلفنا تلك الجزئية أو ذاك التفاوت والتنوع في الأفهام بين بعضنا البعض.. وفهمنا لهذه الجزئيات وتفاصيل الحياة تساعدنا على المضي في دروبها باطمئنان ملحوظ محسوس، والتجربة خير برهان.

   

ليست هناك تعليقات: