مشهد سحرة فرعون وهم بكل ثقة يسألونه عن أجرهم إن هم وقفوا معه ضد قائد ثوري تمثل في موسى عليه السلام ، تراه اليوم مجدداً بكل وضوح في المشهد الإعلامي المصري منذ أن تم الانقلاب على أول رئيس منتخب في تاريخ مصر منذ آلاف السنين.
لكن قبل
التحدث عن المشهد الحالي ، إليك وصفاً دقيقاً لذلك المشهد القديم كما في ظلال
القرآن للأستاذ سيد قطب رحمه الله وكأنما يصف ما يحدث اليوم تماماً .. إذ يقول في
ظلاله بعد أن اجتمع السحرة مع فرعون على المشهد المرتقب والمكافأة :" .. وهكذا تجمع المصريون ليشهدوا المباراة بين السحرة وموسى عليه السلام ! ثم يجيء مشهد السحرة بحضرة فرعون قبل
المباراة؛ يطمئنون على الأجر والمكافأة إن كانوا هم الغالبين؛ ويتلقون من فرعون
الوعد بالأجر الجزيل والقربى من عرشه الكريم .. ( فلما جاء السحرة قالوا
لفرعـون : أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين؟ قال : نعم ، وإنكم إذن لم المقربين
).. وهكذا ينكشف الموقف عن جماعة مأجورة يستعين بها فرعون الطاغية؛ تبذل مهارتها
في مقابل الأجر الذي تنتظره؛ ولا علاقة لها بعقيدة ولا صلة لها بقضية ، ولا شيء
سوى الأجر والمصلحة . وهؤلاء هم الذين يستخدمهم الطغاة دائماً في كل مكان وفي كل
زمان .. وها هم أولاء يستوثقون من الجزاء على تعبهم ولعبهم وبراعتهم في
الخداع . وها هو ذا فرعون يعدهم بما هو أكثر من الأجر . يعدهم أن يكونوا من
المقربين إليه . وهو بزعمه الملك والإله " !
ما يحدث اليوم من سحرة فرعون الجدد المتمثلين
في الإعلام المصري، سواء المكتوب أو المرئي وغيره، هو تماماً إعادة للسيناريو
القديم ، الذي يتكرر كلما قرأنا القرآن ، منذ أن نزل على خير البشر والى يوم الدين
، دون أن يستوعب أي فرعون ومن معه الدرس وعواقب مواجهة الحق واتباع الباطل.. أحسبُ أن سحرة الاعلام المصري قد اجتمعوا
بقيادات النظام الحالي وربما دار الحديث نفسه القديم ، يسألون عن وضعهم إن هم وقفوا
وسحروا أعين وآذان الناس بالباطل ، وبالطبع ربما أتاهم الرد أن لكم ما تشتهون وتريدون
، وهو ما شجعهم على المضي في باطلهم وقلب الحقائق ، سواء لما يحدث بالداخل المصري
أو خارجه كذلك ، يزينون الباطل وهم أدرى الناس ببطلانه ، لكن هكذا عمى البصيرة إن
ابتلى أحد به ..
لقد انتهى مشهد سحرة فرعون مع موسى بالانقلاب
الهائل على فرعون ، بعد أن رأوا الحقائق أمامهم واضحة وضوح شمس الدوحة في أشد أيام
القيظ .. فهل سيتكرر المشهد مع السحرة الجدد ؟ لا أشك في ذلك ، استناداً الى شواهد
التاريخ وقصص القرآن وصراع الحق مع الباطل
، الذي لابد لهذا الباطل أن يزهق مهما يطول الزمن ، فهذا وعد الله لمن يتبع الحق ،
والحقُ أحق أن يُتبع .. والمسألة هي مسألة وقت ليست أكثر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق