دعني أثير انتباهك بهذا السؤال..
ألم تمر عليك حادثة
واحدة أو اكثر ، تكون مهموماً بأمر ما كالتفكير في التواصل مع شخص معين ، بحيث لا
تكاد تنتهي من بحث فكرة الاتصال به ، إلا وقد فاجأك بتواصله هو ، سواء بوسائل
الاتصال المعروفة أو تجده وقد حضر أمامك على شكل زيارة مفاجئة غير مرتبة الموعد ؟
مثال آخر تاريخي قديم ومشهور في حياة الفاروق
عمر رضي الله عنه ، وقصته المعروفة مع
صحابي يُدعى سارية، وكان قائداً لسرية بعثها عمر إلى العراق .. فقد أورد المؤرخون القصة عن ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما وأرضاهما ، أنه – ويقصد
الفاروق عمر - كان يخطب يوم الجمعة، فعرض
في خطبته أن قال : يا سارية .. الجبل ، الجبل ، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم ...
فالتفت الناس بعضهم إلى بعض فقال لهم علي بن أبي طالب وقد كان حاضراً الخطبة : ويحكم، دعوا عمر ، فإنه ما دخل
في أمر إلا خرج منه.. فلما فرغ الفاروق من خطبته ، سألوه، فقال : والله ما ألقيت له بالاً.. شيءٌ أتى على لساني .. فقد وقع في
خلدي أن المشركين هزموا إخواننا وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجه
واحد ، وإن جاوزوا هلكوا ، فخرج
مني ما تزعمون أنكم سمعتموه ..
ثم ما لبث
أن تبينت القصة فيما بعد، فقد قدم سارية على عمر في المدينة فقال: يا أمير
المؤمنين، تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطر عظيم، فسمعت صوتاً ينادي:
يا سارية .. الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم . عندئذ التجأت بأصحابي
إلى سفح جبل واتخذت ذروته درءاً لنا يحمي مؤخرة الجيش، وواجهنا الفرس من جهة واحدة، فما كانت إلا ساعة حتى فتح الله علينا وانتصرنا
عليهم !
التخاطر عن بعد
، بدأ العلماء في دراسته كحقيقة علمية موجودة وواقعة وإن لم يقدر العلم الحديث على
اثبات ذلك بأدلة واضحة واقعية ومتكررة . وهذا الأمر له علاقة كما يقول العلماء
بعالم الروح الشفاف ، الذي يختلف عن العالم المادي المحسوس والظاهر، إذ أن الإنسان
يعيش بين عالمين ، مادي محسوس وظاهري، وآخر روحي غير ظاهر ، لكنه موجود، ولا يمكن لأحد أن ينكر وجوده حتى وإن لم يستطع
تصديقه وقبوله في الوقت ذاته..
لتبسيط وتوضيح الأمر ، يقول المشتغلون
به من علماء النفس بأن التخاطر عن بعد أو " تيلي باثي Telepathy " ،
له علاقة وثيقة بالمخ وقدراته الهائلة ، وأن العملية هي أشبه
بعمليات ارسال واستقبال الذبذبات الالكترونية كما في عالم الاتصال أو عالم الهواتف
على سبيل المثال ، حيث هناك محطة تُرسل ذبذبات ، وبالمقابل توجد أخرى تستقبل تلك
الذبذبات وبالتالي يحدث التواصل .
بالمثل نجده واضحاً في موضوعنا . المحطة هنا هي المخ .. محطات الإرسال
والاستقبال ها هنا هي المخ البشري.. مخٌ يرسل ذبذبات الكترونية وآخر يستقبلها ..
ويقال بأنه لإتمام عملية التواصل بالشكل المأمول ، أو الإرسال والاستقبال ، فلا بد
من شروط ، أهمها أن تكون النفسُ صافية طيبة شفافة ، فكلما قويت تلك العوامل بالنفس
، سهلت عملية التخاطر مع نفس أخرى شبيهة . إذ لا يمكن أن يحدث التخاطر في بيئة
ضوضاء أو نفس بشرية عصبية حاقدة حاسدة مليئة بالكراهية ، فكلها تعمل عمل الموانع
والحواجز .
الموضوع ممتع وسهل الاستيعاب، ولمن أحب
الاستزادة سيجد الكثيرين قد أبحروا في هذا المجال وكتبوا بالتفصيل عنه . إن توارد
الخواطر، قوة نجهلها لكن يمكن فهمها والتعمق فيها وبالتالي استخدامها . الأمر يعتمد
على قناعاتك بقدراتك التي وهبها لك الخالق سبحانه..
فانظر ماذا ترى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق